للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكِفَايَةُ بِوَاحِدَةٍ، لَزِمَهُ الزِّيَادَةُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَسَوَاءٌ هَنَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، هَذَا مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الْمَرَضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْمَرَضُ دَائِمًا، وَجَبَ الْإِخْدَامُ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا جَرَى الْآخِذُونَ عَنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ مُحْوِجٌ إِلَى الْخِدْمَةِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِخْدَامُ، وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَتَّخِذَ خَادِمًا مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَكْفِيَهَا حَمْلَ الطَّعَامِ إِلَيْهَا، وَالْمَاءَ إِلَى الْمَنْزِلِ، وَشِبْهَ ذَلِكَ.

الْوَاجِبُ الرَّابِعُ: الْكِسْوَةُ، فَتَجِبُ كِسْوَتُهَا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ، وَتَخْتَلِفُ بِطُولِ الْمَرْأَةِ وَقِصَرِهَا وَهُزَالِهَا وَسِمَنِهَا، وَبِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ، وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَفِي كَلَامِ السَّرَخْسِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْكِسْوَةِ حَالُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَلْبَسُ مِثْلَهُ مِثْلَهَا.

وَأَمَّا عَدَدُ الْكِسْوَةِ، فَيَجِبُ فِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلَ وَخِمَارٌ وَمَا تَلْبَسُهُ فِي الرِّجْلِ مِنْ مُكَعَّبٍ أَوْ نَعْلٍ، وَفِي الشِّتَاءِ تُزَادُ جُبَّةٌ مَحْشُوَّةٌ، وَقَدْ يُقَامُ الْإِزَارُ مَقَامَ السَّرَاوِيلِ، وَالْفَرْوُ مَقَامَ الْجُبَّةِ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ لُبْسُهُمَا، كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَعَنِ الْمِنْهَاجِ لِلْجُوَيْنِيِّ أَنَّ السَّرَاوِيلَ لَا تَجِبُ فِي الصَّيْفِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي الشِّتَاءِ، وَفِي الْحَاوِي أَنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْقُرَى إِذَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ أَنْ لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ، لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ.

وَأَمَّا جِنْسُ الْكِسْوَةِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَكْسُوهَا الْمُوسِرُ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ لَيِّنِ الْبَصْرَةِ أَوِ الْكُوفَةِ، أَوْ وَسَطِ بَغْدَادَ، وَالْمُعْسِرُ مِنْ غَلِيظِهَا، وَالْمُتَوَسِّطُ مَا بَيْنَهُمَا، وَأَرَادَ الْمُتَّخَذَ مِنَ الْقُطْنِ، فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِالْكِتَّانِ أَوِ الْخَزِّ أَوِ الْحَرِيرِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا عَنِ الشَّيْخِ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>