للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثَةُ: الَّذِي يَجِبُ تَمْلِيكُهُ مِنَ الطَّعَامِ الْحَبُّ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ لَا الْخُبْزُ وَالدَّقِيقُ، فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ، لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ، وَهَلْ عَلَيْهِ مَعَ الْحَبِّ مُؤْنَةُ طَحْنِهِ وَخَبْزِهِ؟ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: لَا كَالْكَفَّارَةِ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ. وَالثَّانِي: إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ عَادَتُهُمُ الطَّحْنُ وَالْخَبْزُ بِأَنْفُسِهِمْ فَلَا، وَإِلَّا فَنَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَصَحُّهَا: الْوُجُوبُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، وَعَلَى هَذَا تَجِبُ مُؤْنَةُ طَبْخِ اللَّحْمِ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ. وَلَوْ بَاعَتِ الْحَبَّ، أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا، فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا مُؤْنَةَ إِصْلَاحِهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ.

الرَّابِعَةُ: لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا الْأَكْلَ مَعَهُ لَا مَعَ التَّمْلِيكِ وَلَا دُونَهُ.

الْخَامِسَةُ: لَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ، فَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ، أَقْيَسُهُمَا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي «الْبَحْرِ» : لَا تَسْقُطُ وَإِنْ جَرَيَا عَلَى ذَلِكَ سِنِينَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: تَسْقُطُ فَإِنَّهُ اللَّائِقُ بِالْبَابِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُهُمَا لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْأَعْصَارِ، وَاكْتِفَاءُ الزَّوْجَاتِ بِهِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتِ النَّفَقَةَ لِلزَّمَنِ الْمَاضِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَاسْتُنْكِرَ، وَبَنَى بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى الْمُعَاطَاةِ، إِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَنِ النَّفَقَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَيْهَا غَرَامَةُ مَا أَكَلَتْ، ثُمَّ الْوَجْهَانِ فِي الزَّوْجَةِ الْبَالِغَةِ، أَوْ صَغِيرَةٍ أَكَلَتْ مَعَهُ بِإِذْنِ الْقَيِّمِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَأْذَنِ الْقَيِّمُ، فَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِلَا خِلَافٍ.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ سُقُوطُ نَفَقَتِهَا إِذَا أَكَلَتْ مَعَهُ بِرِضَاهَا وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» وَعَلَيْهِ جَرَى النَّاسُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَلَا إِنْكَارٍ وَلَا خِلَافٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً طَالَبَتْ بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>