للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا تَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْكِسْوَةِ وَفِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ تَمْلِيكُهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَاخْتَارَهُ الْقَفَّالُ، بَلْ يَكُونُ إِمْتَاعًا كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ. وَأَصَحُّهُمَا وَيُنْسَبُ إِلَى النَّصِّ: يَجِبُ تَمْلِيكُهَا كَالنَّفَقَةِ وَالْأُدْمِ وَكِسْوَةِ الْكَفَّارَةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كِسْوَةِ الْخَادِمِ وَطَرَدَهُ الْبَغَوِيُّ فِي كُلِّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْفُرُشِ وَظُرُوفِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمُشْطِ، وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» الْفُرُشَ وَالظُّرُوفَ بِالْمَسْكَنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكِسْوَةَ تُدْفَعُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُجَدَّدُ كِسْوَةُ الصَّيْفِ لِلصَّيْفِ، وَالشِّتَاءِ لِلشِّتَاءِ، وَأَمَّا مَا يَبْقَى سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ كَالْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَالْمُشْطِ، فَإِنَّمَا تُجَدَّدُ فِي وَقْتِ تَجْدِيدِهِ، وَكَذَلِكَ جُبَّةُ الْخَزِّ وَالْإِبْرَيْسَمِ لَا يُجَدَّدُ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ، وَعَلَيْهِ تَطْرِيَتُهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ تَمْلِيكِ الْكِسْوَةِ صُوَرٌ:

مِنْهَا: لَوْ سَلَّمَ إِلَيْهَا كِسْوَةَ الصَّيْفِ، فَتَلَفَتَ فِي يَدِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الصَّيْفِ فَلَا تَقْصِيرَ، لَزِمَهُ الْإِبْدَالُ إِنْ قُلْنَا: الْكِسْوَةُ إِمْتَاعٌ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ أَتْلَفَتْهَا، أَوْ تَمَزَّقَتْ قَبْلَ أَوَانِ التَّمَزُّقِ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهَا فِيهَا، وَتَحَامُلِهَا عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْنَا: الْكِسْوَةُ تَمْلِيكٌ، لَمْ يَلْزَمِ الْإِبْدَالُ، وَإِنْ قُلْنَا: إِمْتَاعٌ، لَزِمَهَا قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ، وَلَزِمَهُ الْإِبْدَالُ.

وَمِنْهَا: لَوْ سَلَّمَ إِلَيْهَا كِسْوَةَ الصَّيْفِ، فَمَاتَتْ فِي أَثْنَائِهِ، أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ، أَوْ أَبَانَهَا، فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا إِنْ قُلْنَا: إِمْتَاعٌ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ.

وَمِنْهَا: إِذَا لَمْ يَكْسُهَا مُدَّةً، صَارَتِ الْكِسْوَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ إِنْ قُلْنَا بِالتَّمْلِيكِ، وَإِلَّا، فَلَا.

وَمِنْهَا: إِنْ قُلْنَا: إِمْتَاعٌ، لَمْ يَجُزْ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْقَرِيبِ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ نَفَقَتِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: تَمْلِيكٌ، فَفِي الِاعْتِيَاضِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنِ النَّفَقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>