للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ

لِلْبَابِ مُقَدِّمَةٌ وَأَصْلٌ، أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ، وَالْكِسْوَةُ أَوَّلُ كُلِّ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ كَمَا سَبَقَ، وَذَلِكَ بَعْدَ حُصُولِ التَّمْكِينِ، وَأَمَّا وَقْتُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ، فَلِلنَّفَقَةِ تَعَلُّقٌ بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ، وَفِيمَا تَجِبُ بِهِ قَوْلَانِ: الْقَدِيمُ: تَجِبُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّمْكِينِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا لِلْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ، لَكِنْ لَوْ نَشَزَتْ سَقَطَتْ فَالْعَقْدُ مُوجِبٌ، وَالنُّشُوزُ مُسْقِطٌ، وَإِذَا حَصَلَ التَّمْكِينُ، اسْتَقَرَّ الْوَاجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا كَالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، إِلَّا أَنَّ الْأُجْرَةَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا بِالْعَقْدِ جُمْلَةً لِلْعِلْمِ بِهَا، وَالنَّفَقَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةُ الْجُمْلَةِ، وَالْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ، بَلْ بِالتَّمْكِينِ يَوْمًا فَيَوْمًا، فَلَوِ اخْتَلَفَا، فَقَالَتْ: مُكِّنْتُ مِنْ وَقْتِ كَذَا. وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَلَا بَيِّنَةَ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ قَطْعًا. وَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى التَّمْكِينِ، وَقَالَ: أَدَّيْتُ نَفَقَةَ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا عِنْدَهَا أَمْ غَائِبًا، وَلَوْ لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالزِّفَافِ، وَلَمْ تَمْتَنِعْ هِيَ مِنْهُ، وَلَا عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، وَجَبَتْ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَلَا. وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى التَّمْكِينِ، وَادَّعَى أَنَّهَا بَعْدَهُ نَشَزَتْ، وَأَنْكَرَتْ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: إِذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>