إِلَى الطَّاعَةِ قَهْرًا، فَلَوْ نَشَزَتْ بَعْضَ النَّهَارِ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ لَهَا. وَالثَّانِي: لَهَا بِقِسْطِ زَمَنِ الطَّاعَةِ إِلَّا أَنْ تُسَلِّمَ لَيْلًا وَتَنْشُزَ نَهَارًا، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَهَا نِصْفُ النَّفَقَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى طُولِ اللَّيْلِ وَقِصَرِهِ، وَبِالْوَجْهِ الثَّانِي قَطَعَ السَّرَخْسِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَوْفَقُ لِمَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا سَلَّمَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ لَيْلًا فَقَطْ، وَنُشُوزُ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمَجْنُونَةِ كَالْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ.
فَرْعٌ
امْتِنَاعُهَا عَنِ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَالزِّفَافِ بِغَيْرِ عُذْرٍ نُشُوزٌ، فَلَوْ قَالَتْ: سَلِّمِ الْمَهْرَ لِأُسَلِّمَ نَفْسِي، فَإِنْ جَرَى دُخُولٌ، أَوْ كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا، فَهِيَ نَاشِزَةٌ، إِذْ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِذَا لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ وَالْمَهْرُ حَالٌّ، فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ حِينِئِذٍ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ. وَلَوْ حَلَّ الْمُؤَجَّلَ، فَهَلْ هُوَ كَالْمُؤَجَّلِ أَمْ كَالْحَالِّ؟ وَجْهَانِ وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُثْبِتْ هَذَا الِامْتِنَاعَ. وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً، أَوْ كَانَ بِهَا قَرْحٌ يَضُرُّهَا الْوَطْءُ، فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي الِامْتِنَاعِ عَنِ الْوَطْءِ، وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الرَّجُلُ عَبْلًا، وَهُوَ كَبِيرُ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْقَرْحَ الْمَانِعَ مِنَ الْوَطْءِ، فَلَهَا إِثْبَاتُهُ بِقَوْلِ النِّسْوَةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ، أَمْ تَكْفِي امْرَأَةٌ وَيُجْعَلُ إِخْبَارًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الضَّرَرَ بِسَبَبِ الْعَبَالَةِ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى النِّسْوَةِ وَلَا بَأْسَ بِنَظَرِهِنَّ إِلَيْهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا لِيَشْهَدْنَ، وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنَ الزِّفَافِ بِعُذْرِ عَبَالَتِهِ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّدَاقِ، وَلَهَا الِامْتِنَاعُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ، لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute