دَعَاهَا إِلَى الْوَطْءِ، فَأَبَتْ سَقَطَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ، وَإِذَا قُلْنَا بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ بِامْتِنَاعِهَا فَعَنِ «الْحَاوِي» أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا أَمَرَهَا بِالْإِفْطَارِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، فَلَوِ اتَّفَقَ فِي آخِرِهِ لَمْ تَسْقُطْ لِفَوْتِ الزَّمَانِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ. وَلَوْ نَكَحَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْإِفْطَارِ، وَفِي النَّفَقَةِ وَجْهَانِ.
وَأَمَّا صَوْمُ النَّذْرِ، فَإِنْ كَانَ نَذْرًا مُطْلَقًا، فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ مُوسِعٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً، نُظِرَ؛ إِنْ نَذَرَ بِهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَهُ الْمَنْعُ، فَشَرَعَتْ فِيهِ، وَأَبَتْ أَنْ تُفْطِرَ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ. وَأَمَّا صَوْمُ الْكَفَّارَةِ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي، فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَعَنِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَمْنَعْهَا حَتَّى شَرَعَتْ فِيهِ، فَهَلْ لَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ؟ وَجْهَانِ، وَحَيْثُ قُلْنَا: تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِالصَّوْمِ، فَهَلْ تَسْقُطُ جَمِيعُهَا، أَمْ نِصْفُهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَيْلًا؟ وَجْهَانِ فِي «التَّهْذِيبِ» .
قُلْتُ: أَرْجَحُهُمَا سُقُوطُ الْجَمِيعِ وَقَدْ سَبَقَ قَرِيبًا نَظِيرُهُ فِيمَنْ سَلَّمَتْ لَيْلًا فَقَطْ، أَوْ عَكْسُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَرَائِضُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا مَنْعَ مِنْهَا، وَلَا تُؤَثِّرُ فِي النَّفَقَةِ بِحَالٍ، وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْمُبَادَرَةِ بِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ؟ وَجْهَانِ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَيْسَ لَهُ، لِأَنَّ زَمَنَهَا لَا يَمْتَدُّ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَالتَّطَوُّعَاتُ الْمُطْلَقَةُ كَصَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَفِي السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لِتَأَكُّدِهَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَطْوِيلِهَا، وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ، وَصَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ كَالتَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ، فَلَهُ مَنْعُهَا قَطْعًا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ، وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute