بِسَبَبِ مَا مَضَى حَتَّى لَوْ لَمْ يُفْسَخْ فِي يَوْمِ جَوَازِ الْفَسْخِ، فَوَجَدَ نَفَقَةً بَعْدَهُ، فَلَا فَسْخَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْأَمْسِ، وَمَا قَبْلَهُ كَسَائِرِ دُيُونِهَا، وَقِيلَ: هُوَ كَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ نَفَقَةُ الْمَاضِي لَا تَسْقُطُ، بَلْ تَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، سَوَاءٌ تَرَكَ الْإِنْفَاقَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا، أَمْ لَا، وَيَثْبُتُ الْأُدْمُ فِي الذِّمَّةِ كَالنَّفَقَةِ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْخَادِمِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَتَثْبُتُ الْكِسْوَةُ إِنْ قُلْنَا: يَجِبُ فِيهَا التَّمْلِيكُ. وَإِنْ قُلْنَا: إِمْتَاعٌ فَلَا، وَلَا تَثْبُتُ مُؤْنَةُ السُّكْنَى عَلَى الْمَذْهَبِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي حَقِيقَةِ هَذِهِ الْفُرْقَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ حَقُّ التَّفْرِيقِ بِسَبَبِ الْإِعْسَارِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي، لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجْهًا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَوَلَّى الْفَسْخَ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ إِلَى الْقَاضِي، كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَعَلَى هَذَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي الْفَسْخَ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ عِنْدَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَتَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ فَسْخًا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ هِيَ طَلَاقٌ، فَعَلَى هَذَا يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِالتَّحَمُّلِ فِي الْإِنْفَاقِ، فَإِنْ أَبَى، فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ، أَمْ يَحْبِسُهُ لِيُطَلِّقَ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْمَوْلَى، فَإِنْ طَلَّقَ، طَلَّقَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، فَإِنْ رَاجَعَ، طَلَّقَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً، أَمَّا إِذَا لَمْ تَرْفَعْ إِلَى الْقَاضِي، بَلْ فَسَخَتْ بِنَفْسِهَا لِعِلْمِهَا بِعَجْزِهِ، فَلَا يُنَفَّذُ ظَاهِرًا، وَهَلْ يُنَفَّذُ بَاطِنًا حَتَّى إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَسْخِ إِمَّا بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ، وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ يُكْتَفَى بِهِ وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي «الْبَسِيطِ» : وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إِذَا قَدَرَتْ عَلَى الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاحِيَةِ قَاضٍ وَلَا مُحَكَّمٌ، فَالْوَجْهُ إِثْبَاتُ الِاسْتِقْلَالِ بِالْفَسْخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute