الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ
سَبَقَ أَنَّ أَحَدَ أَسْبَابِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ: الْقَرَابَةُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ:
الْأَوَّلُ: فِي مَنَاطِ هَذِهِ النَّفَقَةِ، وَشَرَائِطِ وُجُوبِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: إِنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِقَرَابَةِ الْبَعْضِيَّةِ، فَتَجِبُ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ وَبِالْعَكْسِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَإِنْ عَلَوْا، وَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَالْأَحْفَادُ وَإِنْ نَزَلُوا، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْوَارِثُ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَفِي وَجْهٍ: لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ كَافِرٍ، وَفِي وَجْهٍ: لَا تَجِبُ عَلَى الْأُمِّ نَفَقَةٌ بِحَالٍ، حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ، وَهُمَا شَاذَّانِ ضَعِيفَانِ، وَلَا يَلْحَقُ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ سَائِرُ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ، وَالْعَمِّ وَالْخَالِ، وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَغَيْرِهِمْ.
الثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ إِلَّا عَلَى مُوسِرٍ، وَهُوَ مَنْ فَضِلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَا يَصْرِفُهُ إِلَى الْقَرِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ يَسَارُ الْوَالِدِ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، فَعَلَى هَذَا يُسْتَقْرَضُ عَلَيْهِ، وَيُؤْمَرُ بِقَضَائِهِ إِذَا أَيْسَرَ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. وَيُبَاعُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ لَا بَدَلَ لَهُ، فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ، أَحَدُهُمَا: يُبَاعُ كُلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute