للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ، وَلِحُرْمَةِ الْوَالِدَيْنِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اكْتِسَابٍ وَاكْتِسَابٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ أَوَّلًا فِي اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ عَنْ كَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ، ثُمَّ قَالُوا: إِنْ شُرِطَ ذَلِكَ فَفِي اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ عَنْ كُلِّ كَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ بِالزَّمَانَةِ، وَجْهَانِ، وَرَأَوُا الْأَعْدَلَ الْأَقْرَبَ الِاكْتِفَاءِ بِعَجْزِهِ عَمَّا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْأَكْسَابِ، وَأَوْجَبُوا النَّفَقَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَنْسِ وَحَمْلِ الْقَاذُورَاتِ، وَسَائِرِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَهَذَا حَسَنٌ.

الْخَامِسَةُ: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ لَا تَتَقَدَّرُ، بَلْ هِيَ قَدْرُ الْكِفَايَةِ، وَعَنِ ابْنِ خَيْرَانِ أَنَّهَا تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهَا تَجِبُ لِتَزْجِيَةِ الْوَقْتِ وَدَفْعِ حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ، فَتُعْتَبَرُ الْحَاجَةُ وَقَدْرُهَا، حَتَّى لَوِ اسْتَغْنَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِضِيَافَةٍ وَغَيْرِهَا، لَمْ تَجِبْ، وَتُعْتَبَرْ حَالُهُ فِي سِنِّهِ وَزَهَادَتِهِ وَرَغْبَتِهِ، فَالرَّضِيعُ تَكْفِي حَاجَتَهُ بِمُؤْنَةِ الْإِرْضَاعِ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَالْفَطِيمُ وَالشَّيْخُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ انْتِهَاءُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ، وَلَا يَكْفِي مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، بَلْ يُعْطِيهِ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ، وَيَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنَ التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ، وَيَجِبُ الْأُدْمُ كَمَا يَجِبُ الْقُوتُ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» نِزَاعٌ فِي الْأُدْمِ، وَتَجِبُ الْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ، وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى الْخِدْمَةِ، وَجَبَتْ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ.

السَّادِسَةُ: تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالِامْتِنَاعِ مِنَ الْإِنْفَاقِ أَمْ لَا، وَفِي الصَّغِيرِ وَجْهٌ، أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا تَبَعًا لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَجِبْ فِيهَا التَّمْلِيكُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الِامْتِنَاعُ، وَلَوْ سَلَّمَ النَّفَقَةَ إِلَى الْقَرِيبِ، فَتَلَفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا، وَجَبَ الْإِبْدَالُ، لَكِنْ إِذَا أَتْلَفَهَا، لَزِمَهُ ضَمَانُهَا إِذَا أَيْسَرَ، وَيُسْتَثْنَى مَا إِذَا أَقْرَضَهَا الْقَاضِي، أَوْ أَذِنَ فِي الِاقْتِرَاضِ لِغَيْبَةٍ أَوِ امْتِنَاعٍ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>