الثَّامِنَةُ: إِذَا امْتَنَعَ الْأَبُ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، أَوْ كَانَ غَائِبًا، أَذِنَ الْقَاضِي لِأُمِّهِ فِي الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ عَلَيْهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ، وَهَلْ تَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ لِقِصَّةِ هِنْدٍ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ، وَتُحْمَلُ قِصَّةُ هِنْدٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَضَاءً، أَوْ إِذْنًا لَهَا لَا إِفْتَاءً وَحُكْمًا عَامًّا، وَفِي اسْتِقْلَالِهَا بِالِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ تَجِدْ لَهُ مَالًا، وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ لِخُرُوجِهِ عَنْ صُورَةِ الْحَدِيثِ، وَمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ، وَعَنِ الْقَفَّالِ تَجْوِيزُهُ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا اسْتِقْلَالَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ، وَأَشْهَدَتْ، لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا اقْتَرَضَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تُشْهِدْ، فَوَجْهَانِ، وَلَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى الطِّفْلِ الْمُوسِرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذَنْ الْأَبِ وَالْقَاضِي، فَوَجْهَانِ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ، لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَةَ الطِّفْلِ، وَلَا تَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مَالِهِ. وَلَوْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَتْ، رَجَعَتْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
التَّاسِعَةُ: إِذَا امْتَنَعَ الْقَرِيبُ مِنْ نَفَقَةِ قَرِيبِهِ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخَذُ الْوَاجِبِ مِنْ مَالِهِ إِنْ وَجَدَ جِنْسَهُ، وَفِي غَيْرِ الْجِنْسِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَلَا مَالَ لَهُ هُنَاكَ، رَاجَعَ الْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ وَاقْتَرَضَ، نُظِرَ، هَلْ أَشْهَدَ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي اقْتِرَاضِ الْأُمِّ لِلطِّفْلِ.
الْعَاشِرَةُ: إِذَا كَانَ الْأَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ غَائِبًا، وَالْجَدُّ حَاضِرٌ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَبِقَرْضِ الْقَاضِي، أَوْ يَأْذَنُ لِلْجَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ، لِيَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ، وَفِي «الْبَحْرِ» وَجْهٌ ضَعِيفٌ، أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ. وَلَوِ اسْتَقَلَّ الْجَدُّ بِالِاقْتِرَاضِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي فَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ قَضَاؤُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَيُنْظَرُ فِي الْإِشْهَادِ وَعَدَمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute