يَكُنْ لِلْأَبِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ عِيَادَتِهَا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَلَا يُمَرِّضُهَا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِلَّا إِذَا أَحْسَنَتِ الْأُنْثَى التَّمْرِيضَ.
فَرْعٌ
إِذَا اخْتَارَ الْأُمَّ، فَإِنْ كَانَ ابْنًا، أَوَى إِلَيْهَا لَيْلًا، وَكَانَ عِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا يُؤَدِّبُهُ وَيُعَلِّمُهُ أُمُورَ الدِّينِ وَالْمَعَاشِ وَالْحِرْفَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا، كَانَتْ عِنْدَ الْأُمِّ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يَطْلُبُ إِحْضَارَهَا عِنْدَهُ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ عِنْدَ الْأُمِّ قَبْلَ سِنِّ التَّخْيِيرِ.
إِذَا اخْتَارَ الْأُمَّ، فَلَيْسَ لِلْأَبِ إِهْمَالُهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِتَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ وَيَتَحَمَّلُ مُؤْنَتَهُ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ الَّذِي لَا تَسْتَقِلُّ الْأُمُّ بِضَبْطِهِ يَلْزَمُ الْأَبُ رِعَايَتَهُ، وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ فِيمَا يَتَأَتَّى مِنْهَا وَمَا هُوَ شَأْنُهَا.
قُلْتُ: تَأْدِيبُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَاجِبٌ عَلَى وَلِيِّهِ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، وَتَكُونُ أُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَقِيلَ: إِنَّ أُجْرَةَ مَا لَا يَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَكُونُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ مَعَ يَسَارِ الْوَلَدِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ سَبَقَ بَعْضُ هَذَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
لَوْ خَيَّرْنَاهُ فَاخْتَارَهُمَا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقْرَعُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَأَصَحُّهُمَا: الْأُمُّ أَحَقُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا، وَكَانَتِ الْحَضَانَةُ لَهَا فَيَسْتَصْحِبُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الْبَسِيطِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute