غَيْرَ مَأْمُونٍ لِغَارَةٍ وَنَحْوِهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ الِانْتِقَالُ إِلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُؤَثِّرُ، وَيَكُونَانِ كَالْمُقِيمَيْنِ فِي مَحَلَّتَيْنِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَمَسَافَةِ الْقَصْرُ، وَلَوِ اخْتَلَفَا، فَقَالَ: أُرِيدُ الِانْتِقَالَ، فَقَالَتْ: بَلِ التِّجَارَةَ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتْ، وَأَمْسَكَتِ الْوَلَدَ، وَسَائِرُ الْعَصَبَاتِ مِنَ الْمَحَارِمِ كَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي انْتِزَاعِ الْوَلَدِ وَنَقْلِهِ إِذَا أَرَادُوا الِانْتِقَالَ، احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَحَارِمِ، كَابْنِ الْعَمِّ، إِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى، لَمْ تُسَلَّمْ إِلَيْهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِلَّا إِذَا لَمْ تَبْلُغْ حَدًّا يُشْتَهَى مِثْلُهَا، وَفِي «الشَّامِلِ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ تُرَافِقُهُ، سُلِّمَتْ إِلَى بِنْتِهِ، وَأَمَّا الْمَحْرَمُ الَّذِي لَا عُصُوبَةَ لَهُ، كَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ، فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ الْوَلَدِ إِذَا انْتَقَلَ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النَّسَبِ.
فَرْعٌ
إِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ النَّقْلِ لِلْأَبِ وَغَيْرِهِ، إِذَا اسْتَجْمَعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْحَضَانَةِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ كَانَ لِلْوَلَدِ جَدٌّ مُقِيمٌ، وَأَرَادَ الْأَبُ الِانْتِقَالَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ الْوَلَدَ، وَلَمْ تَمْنَعْ مِنْهُ إِقَامَةُ الْجَدِّ، وَكَذَا حُكْمُ الْجَدِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ، وَلَا تَمْنَعُهُ إِقَامَةُ الْأَخِ أَوِ الْعَمِّ، لَكِنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا جَدٌّ، وَأَرَادَ الْأَخُ الِانْتِقَالَ، وَهُنَاكَ ابْنُ أَخٍ أَوْ عَمٌّ يُقِيمَانِ، فَلَيْسَ لِلْأَخِ انْتِزَاعُهُ مِنَ الْأُمِّ لِنَقْلِهِ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، لِكَمَالِ عِنَايَتِهِمَا وَتَقَارُبِ عِنَايَةِ غَيْرِهِمَا مِنَ الْعَصَبَاتِ.
لَوْ كَانَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ يُسَافِرُ لِحَاجَةٍ، وَاخْتَلَفَ طَرِيقُهُمَا وَمَقْصِدُهُمَا، فَيُشْبِهُ أَنْ يُدَامَ حَقُّ الْأُمِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الَّذِي مَقْصِدُهُ أَقْرَبُ، أَوْ مُدَّةُ سَفَرِهِ أَقْصَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute