للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ قَطْعًا. وَمِنْ صُوَرِ التَّخَلُّفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ وَهُوَ فِي قِرَاءَةِ السُّورَةِ، فَيَشْتَغِلُ بِإِتْمَامِهَا، وَكَذَا التَّخَلُّفُ لِلِاشْتِغَالِ بِتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَأَمَّا بَيَانُ صُوَرِ التَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ، فَيَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ الرُّكْنِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، فَالْقَصِيرُ: الِاعْتِدَالُ عَنِ الرُّكُوعِ، وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالطَّوِيلُ: مَا عَدَاهُمَا. ثُمَّ الطَّوِيلُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ. وَفِي الْقَصِيرِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ، وَمَالَ الْإِمَامُ إِلَى الْجَزْمِ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا، بَلْ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ. وَبِهِ قَطَعَ فِي (التَّهْذِيبِ) . فَإِذَا رَكَعَ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَكَعَ الْمَأْمُومُ وَأَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِهِ فَلَيْسَ هَذَا تَخَلُّفًا بِرُكْنٍ، فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ قَطْعًا. فَلَوِ اعْتَدَلَ الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ بَعْدُ قَائِمٌ، فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَجْهَانِ، اخْتَلَفُوا فِي مَأْخَذِهِمَا، فَقِيلَ: مَأْخَذُهُمَا: التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ مَقْصُودٌ أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: مَقْصُودٌ فَقَدْ فَارَقَ الْإِمَامُ رَكْنًا، وَاشْتَغَلَ بِرُكْنٍ آخَرَ مَقْصُودٍ، فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُتَخَلِّفِ. وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَقْصُودٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَفْرَغْ مِنَ الرُّكُوعِ، لَأَنَّ الَّذِي هُوَ فِيهِ تَبَعٌ لَهُ، فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. وَقِيلَ: مَأْخَذُهُمَا الْوَجْهَانِ، فِي أَنَّ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ يُبْطِلُ أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: يُبْطِلُ فَقَدْ تَخَلَّفَ بِرُكْنِ الرُّكُوعِ تَامًّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَمَا دَامَ فِي الِاعْتِدَالِ، لَمْ يُكْمِلِ الرُّكْنَ الثَّانِيَ، فَلَا تَبْطُلُ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا تَبْطُلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا هَوَى إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ، وَالْمَأْمُومُ بَعْدُ قَائِمٌ، فَعَلَى الْمَأْخَذِ الْأَوَّلِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ، وَعَلَى الثَّانِي: تَبْطُلُ، لِأَنَّ رُكْنَ الِاعْتِدَالِ قَدْ تَمَّ. هَكَذَا ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا ارْتَفَعَ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ وَالْمَأْمُومُ بَعْدُ فِي الْقِيَامِ فَقَدْ حَصَلَ التَّخَلُّفُ بِرُكْنٍ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلِ الْإِمَامُ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ مُبْطِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>