التَّقْدِيرُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ. وَلَوِ اشْتَغَلَ الْمَأْمُومُ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ، فَلَمْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ لِذَلِكَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ، فَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ. وَكَانَ هَذَا فِي الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ. أَمَّا الْمَسْبُوقُ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَائِمًا وَخَافَ رُكُوعَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْرَأَ الِاسْتِفْتَاحَ، بَلْ يُبَادِرُ إِلَى الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ فَأَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: يَرْكَعُ مَعَهُ وَتَسْقُطُ بَاقِي الْفَاتِحَةِ، وَالثَّانِي: يُتِمُّهَا. وَأَصَحُّهَا: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ، قَطَعَ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ، وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ. وَإِنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ، لَزِمَهُ بِقَدْرِهِ مِنَ الْفَاتِحَةِ لِتَقْصِيرِهِ. وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْقَفَّالِ وَالْمُعْتَبَرِينَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ. فَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ إِتْمَامُ الْفَاتِحَةِ، فَتَخَلَّفَ لِيَقْرَأَ كَانَ تَخَلُّفًا بِعُذْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا وَرَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ قُلْنَا: يَرْكَعُ فَاشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا، كَانَ مُتَخَلِّفًا بِلَا عُذْرٍ. وَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ، وَقَرَأَ هَذَا الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ لَحِقَهُ فِي الِاعْتِدَالِ، لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إِذَا قُلْنَا: التَّخَلُّفُ بِرُكْنٍ لَا يُبْطِلُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ. وَالثَّانِي: يُبْطِلُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِيمَا فَاتَتْ بِهِ رَكْعَةٌ، فَكَانَ كَالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ.
وَمِنْهَا: الزِّحَامُ، وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِنْهَا: النِّسْيَانُ. فَلَوْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعُودَ، لِأَنَّهُ فَاتَ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قَامَ وَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ. وَلَوْ تَذَكَّرَ أَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ، لَمْ تَسْقُطِ الْقِرَاءَةُ بِالنِّسْيَانِ. وَمَاذَا يَفْعَلُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَرْكَعُ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَضَى رَكْعَةً، وَأَصَحُّهُمَا: يُتِمُّهَا، وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ. وَعَلَى هَذَا تَخَلُّفُهُ تَخَلُّفُ مَعْذُورٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَى الثَّانِي: تَخَلُّفُ غَيْرِ مَعْذُورٍ لِتَقْصِيرِهِ بِالنِّسْيَانِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ بِالرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute