إِنَّمَا يُعْطَى فِي الِابْتِدَاءِ حُكُومَةُ كُلُّ عُضْوٍ، لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ، فَلَا نُوجِبُ دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مُتَيَقَّنٌ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ جِهَتُهُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا تَعَدَّدَ الْجَانِي، فَقَطَعَ قَاطِعٌ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَآخَرُ شُفْرَيْهِ، وَعَفَا عَنِ الْقِصَاصَ، فَلَا نُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا حُكُومَةَ مَا قَطَعَهُ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْفُ عَنِ الْقِصَاصِ وَطَلَبَ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَعَ الْقِصَاصِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا نُعْطِي شَيْئًا، قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَفَّالُ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا الْوَاجِبُ، وَأَصَحُّهَا: يُعْطَى الْمُسْتَيْقَنُ مَعَ الْقِصَاصِ.
وَفِي قَدْرِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَقَلُّ الْحُكُومَتَيْنِ مِنْ حُكُومَةِ الشُّفْرَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ، وَحُكُومَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ.
وَالثَّانِي: حُكُومَةُ الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ آخِرًا، لِأَنَّهُ قَطَعُهُ وَالدَّمُ سَائِلٌ مِنَ الْأَوَّلِ، فَحُكُومَتُهُ أَقَلُّ، وَأَصَحُّهُمَا: يُعْطَى أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حُكُومَةِ الشُّفْرَيْنِ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ، وَحُكُومَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعَ دِيَةِ الشُّفْرَيْنِ.
أَمَّا إِذَا قَطَعَتِ امْرَأَةٌ ذَكَرَ الْخُنْثَى وَأُنْثَيَيْهِ وَشُفْرَيْهِ، فَإِنْ صَبَرَ إِلَى التَّبَيُّنِ، تَوَقَّفْنَا كَمَا فِي الرَّجُلِ، فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا، فَلَهُ دِيَتَانِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَحُكُومَةُ الشُّفْرَيْنِ، وَإِنْ بَانَ أُنْثَى، فَلَهَا حُكُومَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْقِصَاصُ فِي الشُّفْرَيْنِ، إِنْ أَجْرَيْنَا فِيهِمَا الْقِصَاصَ، وَإِلَّا فَلَهَا دِيَتُهُمَا أَيْضًا.
وَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ هَلْ يَجْرِي فِي الشُّفْرَيْنِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، قِيسَتِ الصُّورَةُ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ، فَإِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ، سَلَّمَ إِلَيْهِ دِيَةَ الشُّفْرَيْنِ وَحُكُومَةَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْفُ، فَفِي وَجْهٍ، لَا يُعْطَى شَيْئًا، وَفِي وَجْهٍ، يُعْطَى أَقَلَّ الْحُكُومَتَيْنِ، وَفِي وَجْهٍ، حُكُومَةَ الْمَقْطُوعِ آخِرًا، وَفِي وَجْهٍ، حُكُومَةَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ لِيُوقِعَ الْقِصَاصَ فِي الشُّفْرَيْنِ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِمَا، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَجْرَيْنَاهُ، فَعَفَا، وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَامْرَأَةٌ شُفْرَيْهِ، وَلَمْ يَعْفُ، لَمْ يُطَالَبْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute