للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ فِي أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْآخَرِ، لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ، وَلَوْ أَوْضَحَ الْجَانِي بَعْضَ الرَّأْسِ، كَالْقَذَالِ وَالنَّاصِيَةِ، أَوْضَحْنَا ذَلِكَ الْقَدْرَ وَتَمَّمْنَاهُ مِنَ الرَّأْسِ إِنْ بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ شَيْءٌ.

وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ مُجَاوَزَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، وَلَوْ أَوْضَحَ جَبْهَتَهُ، وَجَبْهَةُ الْجَانِي أَصْغَرُ، لَمْ يَرْتَقِ إِلَى الرَّأْسِ، وَلِيَجِيءَ فِي مُجَاوَزَةِ مَوْضِعٍ مِنَ الْوَجْهِ إِلَى مَوْضِعٍ يُلَاصِقُهُ الْوَجْهَانِ.

وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ فِي مُوضِحَةِ سَائِرِ الْبَدَنِ، فَأَوْضَحَ سَاعِدَهُ وَسَاعِدُ الْجَانِي أَصْغَرُ، لَمْ يُجَاوِزْهُ إِلَى الْعَضُدِ وَلَا إِلَى الْكَتِفِ، كَمَا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ.

فَرْعٌ.

لَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي الْمُوضِحَةِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ، نُظِرَ، إِنْ زَادَ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي، فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ زَادَ عَمْدًا، اقْتُصَّ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ وَلَكِنْ بَعْدَ انْدِمَالِ الْمُوضِحَةِ الَّتِي فِي رَأْسِهِ، وَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إِلَى الْمَالِ، أَوْ أَخْطَأَ بِاضْطِرَابِ يَدِهِ، وَجَبَ الضَّمَانُ، وَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يُوَزَّعُ الْأَرْشُ عَلَيْهِمَا، فَيَجِبُ قِسْطُ الزِّيَادَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ أَرْشٌ كَامِلٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُقْتَصُّ: أَخْطَأْتُ بِالزِّيَادَةِ، فَقَالَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ: بَلْ تَعَمَّدْتَهَا، صَدَقَ الْمُقْتَصُّ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: تَوَلَّدَتِ الزِّيَادَةُ بِاضْطِرَابِكَ، وَأَنْكَرَ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُ الِاضْطِرَابِ.

فَرْعٌ.

اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ، بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَحَزُّوهَا مَعًا، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، أَحَدُهُمَا: يُوَزِّعُ عَلَيْهِمْ، وَيُوضِحُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ.

وَالثَّانِي: يُوضِحُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَ تِلْكَ الْمُوضِحَةِ، كَالشُّرَكَاءِ فِي الْقَطْعِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>