الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ قَطَعَ بِإِذْنِ الْجَانِي، فَلَا قِصَاصَ عِنْدَ السِّرَايَةِ، لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ، إِنَّ قَالَ الْجَانِي: اقْطَعْ يَدِيَ، وَأَطْلَقَ، جُعِلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
وَإِنْ قَالَ: اقْطَعْهَا عِوَضًا عَنْ يَدِكَ، أَوْ قِصَاصًا، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ: أَنَّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْجَانِي الْحُكُومَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا.
وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ الْجَانِيَ أَدَّى الْجَيِّدَ عَنِ الرَّدِيءِ، وَقَبَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ.
الثَّالِثَةُ: الْيَدُ الشَّلَّاءُ، وَالرِّجْلُ الشَّلَّاءُ، هَلْ تُقْطَعَانِ بِالصَّحِيحَتَيْنِ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِالْقِصَاصِ فِيهَا.
وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ يُرَاجِعُ أَهْلَ الْبَصَرِ، فَإِنْ قَالُوا: لَوْ قُطِعَتْ لَمْ يَنْسَدَّ فَمُ الْعُرُوقِ بِالْحَسْمِ، وَلَمْ يَنْقَطِعِ الدَّمُ، لَمْ تُقْطَعْ بِهَا، وَتَجِبُ دِيَةُ يَدِهِ.
وَإِنْ قَالُوا: تَنْقَطِعُ، فَلَهُ قَطْعُهَا، وَتَقَعُ قِصَاصًا، كَقَتْلِ الذِّمِّيِّ بِالْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِسَبَبِ الشَّلَلِ أَرْشًا.
الرَّابِعَةُ: هَلْ تُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالشَّلَّاءِ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّ الشَّلَلَ عِلَّةٌ، وَالْعِلَلُ يَخْتَلِفُ تَأْثِيرُهَا فِي الْبَدَنِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُمَا إِنِ اسْتَوَيَا فِي الشَّلَلِ، أَوْ كَانَ شَلَلُ يَدِ الْقَاطِعِ أَكْثَرَ، قُطِعَتْ بِهَا، وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَخَافَ نَزْفَ الدَّمِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ الشَّلَلُ فِي يَدِ الْمَقْطُوعِ أَكْثَرَ، لَمْ يُقْطَعْ بِهَا.
فَرْعٌ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمُرَادُ بِالشَّلَلِ فِي الْيَدِ وَالرَّجْلِ زَوَالُ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الْحِسِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا الشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ.
الْخَامِسَةُ: لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ الْبَطْشِ، بَلْ تُقْطَعُ يَدُ الْقَوِيِّ بِيَدِ الشَّيْخِ