هَذَا الْقَوْلِ لَوْ لَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُ أَوَّلًا وَأَخَذَ الْأَرْشَ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ لِلْقَلْعِ الثَّانِي.
فَلَوْ لَمْ يَكُنِ اقْتُصَّ لِلْأَوَّلِ وَلَا أُخِذَ الْأَرْشُ، لَزِمَهُ قِصَاصٌ وَأَرْشٌ، أَوْ أَرْشَانِ بِلَا قِصَاصٍ، أَمَّا إِذَا اقْتَصَصْنَا مِنَ الْجَانِي فَعَادَ سِنُّهُ دُونَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْعَائِدُ كَالْأَوَّلِ، فَهَلْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقَلْعُ ثَانِيًا؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ قَابَلَ قَلْعًا بِقَلْعٍ فَلَا تُثَنَّى عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ، لَكِنْ لَهُ الْأَرْشُ لِخُرُوجِ الْقَلْعِ الْأَوَّلِ عَنْ كَوْنِهِ قِصَاصًا، وَكَأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ بِسَبَبٍ.
وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِأَنَّ الْجَانِيَ أَفْسَدَ مَنْبَتَهُ، فَيُكَرَّرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْسُدَ مَنْبَتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: هِبَةٌ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِمَا سَبَقَ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ.
وَلَوِ اقْتَصَّ، فَعَادَ سِنُّ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعًا، فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ.
فَرْعٌ.
قَلَعَ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ مَثْغُورٍ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ إِنْ شَاءَ، وَيَقْتَصَّ إِنْ شَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ شَيْءٌ آخَرُ كَمَا فِي أَخْذِ الشَّلَّاءِ بِالصَّحِيحَةِ، هَذَا إِذَا كَانَ غَيْرُ الْمَثْغُورِ بَالِغًا، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ.
وَفِي أَمَالِيِّ أَبِي الْفَرَجِ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: إِنْ قَلَعْتَ سِنَّهُ الْآنَ، فَالظَّاهِرُ مِنْهَا الْعَوْدُ، فَاصْبِرْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ مَثْغُورًا، فَإِنِ اسْتَعْجَلَ، أُجِيبَ وَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا يَعُودُ.
قَلَعَ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ غَيْرَ مَثْغُورٍ، فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ، فَإِنْ نَبَتَتْ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ، فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْأَرْشَ أَوْ يَقْتَصُّ، فَإِنِ اقْتَصَّ وَلَمْ يَعُدْ سِنُّ الْجَانِي فَذَاكَ، وَإِنْ عَادَتْ، فَهَلْ يُقْلَعُ ثَانِيًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، قَالَهُ الْإِمَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute