أَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ سِوَى الْإِبْهَامِ مُنْقَسِمَةٌ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَهِيَ الْأَنَامِلُ الثَّلَاثُ، فَلَوِ انْقَسَمَتْ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ أُصْبُعٌ بِأَرْبَعِ أَنَامِلٍ، فَلَهَا حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُ أَصْلِيَّةً عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ، وَقَدْ يُسْتَدَّلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُفْرِطَةِ الطُّولِ، وَتُنَاسِبُ بَاقِيَ الْأَصَابِعِ، فَإِذَا قَطَعَ صَاحِبُهَا أُنْمُلَةً لِمُعْتَدِلٍ، قُطِعَتْ مِنْهُ أُنْمُلَةٌ، لَكِنْ لَا يَتِمُّ بِهَا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ أُنْمُلَتَهُ ثُلُثُ الْأُصْبُعِ، وَهَذِهِ رُبُعُهَا، فَيُطَالِبُ بِمَا بَيْنَ الرُّبُعِ وَالثُّلُثِ مِنْ دِيَةِ أُصْبُعٍ، وَهُوَ خَمْسُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ.
وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ، قَطَعْنَا مِنْهُ أُنْمُلَتَيْنِ، وَطَالَبْنَاهُ بِمَا بَيْنَ نِصْفِ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَثُلُثِهَا، وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَا بِعِيرٍ، وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعَ مُعْتَدِلٍ بِتَمَامِهَا، فَهَلْ يُقْطَعُ أُصْبُعُهُ بِهَا؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: الْمَنْعُ، فَعَلَى هَذَا يُقْطَعُ ثَلَاثُ أَنَامِلٍ هِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ حِصَّتِهِ، وَيُطَالَبُ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ جَمِيعِ الدِّيَةِ، وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، وَهُوَ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ، وَلَوْ بَادَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ أُصْبُعَهُ، عُزِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ أُنْمُلَةَ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْأُصْبُعُ، لَمْ تُقْطَعْ أُنْمُلَتُهُ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ رُبُعُ دِيَةِ أُصْبُعٍ، وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ أُنْمُلَةً وَيَأْخُذَ بَعِيرًا وَثُلُثَيْنِ، وَلَوْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَنَامِلَ، فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ وَيَأْخُذَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ، وَلَوْ قَطَعَ الْأُصْبُعَ بِتَمَامِهَا، قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأُنْمُلَةُ الْعُلْيَا زَائِدَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، فَإِنَّ قَطَعَ صَاحِبُهَا أُصْبُعَ مُعْتَدِلٍ، لَمْ يُقْطَعْ أُصْبُعُهُ، لِمَا فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَطَعَهَا مُعْتَدِلٌ، قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ حُكُومَةٌ لِلزَّائِدَةِ، وَتَخْتَلِفُ الْحُكُومَةُ بِكَوْنِ الزَّائِدَةِ عَامِلَةٌ أَمْ لَا، وَلَوْ قَطَعَ الْمُعْتَدِلُ أُنْمُلَةً مِنْهَا، فَلَا قِصَاصَ، وَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، وَلَوْ قَطَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute