أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، حُبِسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَلِيُّ، أَوْ تَكْمُلَ حَالُهُ، وَحَكَى الْفُورَانِيُّ قَوْلًا عَنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ أَنَّ لِلثَّانِي الِاقْتِصَاصَ، وَيَصِيرُ الْحُضُورُ وَالْكَمَالُ مُرَجِّحًا، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا إِذَا قَتَلَهُمْ مَعًا، بِأَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا أَوْ جَرَحَهُمْ وَمَاتُوا مَعًا، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، قُتِلَ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِوَاحِدٍ، فَعَفَا وَلَيُّهُ، أُعِيدَتِ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ.
وَكَذَا لَوْ عَفَا، بِأَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، وَهَذَا الْإِقْرَاعُ وَاجِبٌ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَحَكَى أَبُو الْفَيَّاضِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ، وَحَكَوْا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ رَضُوا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ بِلَا قُرْعَةٍ، جَازَ.
فَإِنْ بَدَا لَهُمْ، رُدُّوا إِلَى الْقُرْعَةِ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ بَعْضِ الْقَتْلَى غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، فَالْمَذْهَبُ الِانْتِظَارُ إِذَا أَوْجَبْنَا الْإِقْرَاعَ، وَفِي «الْوَسِيطِ» عَنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ أَنَّ لِلْحَاضِرِ وَالْكَامِلِ الِاقْتِصَاصَ، وَإِذَا أَشْكَلَ الْحَالُ، فَلَمْ يَدْرِ أَقَتَلَهُمْ دُفْعَةً أَوْ مُرَتِّبًا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ أَقَرَّ بِسَبْقِ قَتْلِ بَعْضِهِمُ، اقْتَصَّ مِنْهُ وَلَيُّهُ، وَلِوَلِيِّ غَيْرِهِ تَحْلِيفُهُ إِنْ كَذَّبَهُ.
فَرْعٌ.
إِذَا قَتَلَ مُرَتِّبًا، فَجَاءَ وَلِيُّ الثَّانِي يَطْلُبُ الْقِصَاصَ، وَلَمْ يَجِئِ الْأَوَّلُ، فَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ إِلَى وَلِيِّ الْأَوَّلِ، لِيَعْرِفَ أَهُوَ طَالِبٌ أَوْ عَافٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ وَقَتَلَهُ بِالثَّانِي، كَرِهْتُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ لِكُلِّهِمْ عَلَيْهِ حَقُّ الْقَوَدِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ قَالَ فِي «الْأُمِّ» : فَقَدْ أَسَاءَ.
قَتَلَ جَمَاعَةٌ جَمَاعَةً، فَالْقَاتِلُونَ كَشَخْصٍ، فَإِنْ قَتَلُوهُمْ مُرَتَّبًا، قُتِلُوا بِالْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَيُقْرَعُ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، قُتِلُوا بِهِ، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ فِي تَرِكَاتِ الْقَاتِلِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute