فِي التَّقَطُّعِ، وَاكْتُفِيَتْ بِتَأَخُّرٍ عَنِ الدَّفْنِ، فَإِنْ كَانَ يُؤَثِّرُ قَبْلَ الدَّفْنِ، مُنِعَ بِلَا خِلَافٍ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ الْحُرْمَةِ وَعُسْرِ الْغَسْلِ وَالدَّفْنِ، وَحَيْثُ يُمْنَعُ، فَلَوْ بَانَ بَعْدَ الْقَطْعِ أَنَّهُ كَانَ مَسْمُومًا، عُزِّرَ.
وَأَمَّا فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ، فَيُمْنَعُ مِنَ الْمَسْمُومِ بِلَا خِلَافٍ، فَلَوِ اسْتَوْفَاهُ بِمَسْمُومٍ، فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ، فَلَا قِصَاصَ، لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مُسْتَحَقٍّ وَغَيْرِهِ، وَتَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَهَلْ تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَوْفِي، أَمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا غَرِيبًا أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ السُّمُّ مُوحِيًا، وَجَبَ الْقِصَاصُ بِلَا خِلَافٍ.
فَرْعٌ.
لِيُنَصِّبَ الْإِمَامُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ، وَيَرْزُقُهُ مِنْ خُمُسِ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ شَيْءٌ، أَوْ كَانَ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ لِأَهَمَّ مِنْهُ، فَأُجْرَةُ الِاقْتِصَاصِ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ.
وَقِيلَ: عَلَى الْمُقْتَصِّ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَفِي أُجْرَةِ الْجَلَّادِ فِي الْحُدُودِ، وَالْقَاطِعِ فِي السَّرِقَةِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: عَلَى الْمَجْلُودِ وَالسَّارِقِ، لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ الْحَدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْإِيجَابَ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ، وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ فِي الْقَذْفِ كَأُجْرَةِ الِاقْتِصَاصِ، وَإِذَا قُلْنَا: تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إِلَيْهِ، اقْتَرَضَ الْإِمَامُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إِلَى أَنْ يَجِدَ سِعَةً.
قَالَ الرُّويَانِيُّ: أَوْ يَسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، أَوْ يَسَّخِرُ مَنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَالِاسْتِئْجَارُ قَرِيبٌ وَالتَّسْخِيرُ بَعِيدٌ، وَبِتَقْدِيرِ جَوَازِهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ يَرَاهُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَيَسْتَأْجِرَ بِهَا.
وَلَوْ قَالَ الْجَانِي: أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي، وَلَا أُؤَدِّي الْأُجْرَةَ، فَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ؟ وَجْهَانِ.
قَالَ الدَّارَكِيُّ: نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، فَعَلَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute