فَرْعٌ.
جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا ثَبَتَ الْحَمْلُ بِإِقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ شَهَادَةِ النِّسْوَةِ، فَلَوِ ادَّعَتِ الْجَانِيَةُ الْحَمْلَ، هَلْ يَمْتَنِعُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا؟ وَجْهَانِ.
قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: نَعَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا أَدْرِي أَيَقُولُ هَؤُلَاءِ بِالصَّبْرِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَمْ إِلَى ظُهُورِ الْمَخَايِلِ، وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي، فَإِنَّ التَّأْخِيرَ أَرْبَعُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ بَعِيدٌ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَعَلَى قَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ: لَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَاصُ مِنْ مَنْكُوحَةٍ يُخَالِطُهَا زَوْجُهَا، وَهَذَا إِنْ أَرَادَ بِهِ إِذَا ادَّعَتِ الْحَمْلَ، فَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ الِامْتِنَاعَ بِمُجَرَّدِ الْمُخَالَطَةِ وَالْوَطْءِ بِغَيْرِ دَعْوَاهَا، فَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ.
إِذَا قُتِلَتِ الْحَامِلُ عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرْنَا بِهِ، نُظِرَ، إِنْ بَادَرَ إِلَيْهِ الْوَلِيُّ مُسْتَقِلًّا، أَثِمَ وَوَجَبَتْ غِرَّةُ الْجَنِينِ إِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَتَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَلِيِّ، وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا مُتَأَلِّمًا فَمَاتَ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي قَتْلِهَا، فَقَتَلَهَا، فَنَتَكَلَّمُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ.
أَحَدُهَا: الْإِثْمُ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْعِلْمِ فَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالْإِمَامُ بِالْحَمْلِ، أَثِمَا، وَإِنْ جَهِلَا، فَلَا، وَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا، اخْتَصَّ بِالْإِثْمِ.
الثَّانِي: الضَّمَانُ، فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلِ الْجَنِينُ، فَلَا ضَمَانَ، وَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا مُتَأَلِّمًا فَمَاتَ بِهِ، فَفِيهِ دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ. وَإِنِ انْفَصَلَ سَلِيمًا، ثُمَّ مَاتَ، لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ.
الثَّالِثُ: فِيمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ عَالِمَيْنِ أَوْ جَاهِلَيْنِ، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْإِمَامِ، لِأَنَّ الْبَحْثَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِهِ، وَقِيلَ: عَلَى الْوَلِيِّ، لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute