مُجَاوَزَتِهَا. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَصَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) : لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إِقَامَةٍ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَتْ بَقَايَا الْحِيطَانِ قَائِمَةً، وَلَمْ يَتَّخِذُوا الْخَرَابَ مَزَارِعَ الْعُمْرَانِ، وَلَا هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ وَالْخَرَابِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَتُهَا بِلَا خِلَافٍ. وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَوَّطَةً، إِلَّا إِذَا كَانَ فِيهَا قُصُورٌ أَوْ دُورٌ يَسْكُنُهَا مُلَّاكُهَا بَعْضَ فُصُولِ السَّنَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا حِينَئِذٍ. وَلَنَا وَجْهٌ فِي (التَّتِمَّةِ) : أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ الْمُضَافَةِ إِلَى الْبَلْدَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. هَذَا حُكْمُ الْبَلْدَةِ. وَأَمَّا الْقَرْيَةُ فَلَهَا حُكْمُ الْبَلْدَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَلَا الْمَزَارِعِ الْمُحَوَّطَةِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ. وَشَذَّ الْغَزَالِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ فَقَالَ: إِنْ كَانَتِ الْمَزَارِعُ، أَوِ الْبَسَاتِينُ مُحَوَّطَةً، اشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ الْمُحَوَّطَةِ، وَلَا الْبَسَاتِينِ غَيْرِ الْمُحَوَّطَةِ، وَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمُحَوَّطَةِ. وَلَوْ كَانَ قَرْيَتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا انْفِصَالٌ فَهُمَا كَمَحَلَّتَيْنِ فَيَجِبُ مُجَاوَزَتُهُمَا جَمِيعًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ، فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْفِصَالٌ فَجَاوَزَ قَرْيَتَهُ، كَفَى وَإِنْ كَانَتَا فِي غَايَةِ التَّقَارُبِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: إِذَا تَقَارَبَتَا اشْتُرِطَ مُفَارَقَتُهُمَا. وَلَوْ جَمَعَ سُورٌ قُرًى مُتَفَاصِلَةً لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ السُّورِ. وَكَذَا لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ. وَلِهَذَا قُلْنَا أَوَّلًا: إِنِ ارْتَحَلَ مِنْ بَلْدَةٍ لَهَا سُورٌ مُخْتَصٌّ بِهَا. وَأَمَّا الْمُقِيمُ فِي الصَّحَارَى، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُفَارَقَةِ الْبُقْعَةِ الَّتِي فِيهَا رَحْلُهُ وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ. فَإِنْ سَكَنَ وَادِيًا وَسَافَرَ فِي عُرْضِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ عُرْضِ الْوَادِي، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَهَذَا عَلَى الْغَالِبِ فِي اتِّسَاعِ الْوَادِي. فَإِنْ أَفْرَطَتِ السِّعَةُ لَمْ يُشْتَرَطْ إِلَّا مُجَاوَزَةُ الْقَدْرِ الَّذِي يُعَدُّ مَوْضِعَ نُزُولِهِ، أَوْ مَوْضِعَ الْحُلَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا. كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: كَلَامُ الشَّافِعِيِّ مُجْرًى عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَجَانِبَا الْوَادِي كَسُورِ الْبَلَدِ. وَلَوْ كَانَ نَازِلًا فِي رَبْوَةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَهْبِطَ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute