أَيْضًا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَتْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ مُحَقِّقِي الْمَرَاوِزَةِ وَاخْتَارَهُ أَنَّهُ يَجِبُ غَالِبُ إِبِلِ الْبَلَدِ، وَمَتَى تَعَيَّنَ نَوْعٌ، فَلَا عُدُولَ إِلَى مَا فَوْقَهُ أَوْ دُونَهُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي، وَإِذَا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِإِبِلِ الْبَلَدِ، أَوِ الْقَبِيلَةِ، فَكَانَتْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَلَا غَالِبَ فِيهَا، فَالْخِيَرَةُ إِلَى الدَّافِعِ، وَإِذَا اعْتَبَرَنَا إِبِلَ مَنْ عَلَيْهِ، فَتَنَوَّعَتْ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تُؤْخَذُ مِنَ الْأَكْثَرِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا، دَفَعَ مَا شَاءَ، وَالثَّانِي: تُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ، فَيُعْطِي الْجَمِيعَ مِنَ الْأَشْرَفِ، وَلَوْ دَفَعَ نَوْعًا غَيْرَ مَا فِي بِيَدِهِ، أَجْبَرَ الْمُسْتَحِقَّ عَلَى قَبُولِهِ إِذَا كَانَ مِنْ غَالِبِ إِبِلِ الْبَلَدِ وَالْقَبِيلَةِ كَذَلِكَ، وَإِذَا كَانَتِ الْإِبِلُ تُبَاعُ بِأَكْثَرِ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَحْصِيلُهَا.
فَرْعٌ
إِذَا كَانَتِ الْإِبِلُ مَوْجُودَةً وَعَدَلَ مَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَمُسْتَحِقُّهَا إِلَى الْقِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِالتَّرَاضِي، جَازَ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ جَازَ.
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إِبِلِ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْعُدُولَ عَنِ الْإِبِلِ، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ وَجْهٌ عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْجَانِيَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمُقَدَّرَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الْإِبِلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ، أَوْ وُجِدَتْ بِأَكْثَرِ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَقَوْلَانِ؛ الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْإِبِلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالْقَدِيمُ: يَجِبُ أَلْفُ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَفِي وَجْهٍ مُخَرَّجٍ عَلَى الْقَدِيمِ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَالِاعْتِبَارُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ الْخَالِصَةِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ الدَّافِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute