السَّبَبُ الرَّابِعُ: اخْتِلَافُ الْحُكْمِ، بِأَنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَةً وَاحِدَةً هُوَ فِي بَعْضِهَا مُخْطِئٌ، وَفِي بَعْضِهَا مُتَعَمِّدٌ، أَوْ فِي بَعْضِهَا مُقْتَصٌّ وَفِي بَعْضِهَا مُتَعَدٍّ، فَهَلِ الْحَاصِلُ مُوضِحَةٌ لِاتِّحَادِ الصُّورَةِ وَالْجَانِي وَالْمَحَلِّ، أَمْ مُوضِحَتَانِ لِاخْتِلَافِهِمَا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: مُوضِحَتَانِ؛ فَإِنْ قُلْنَا: مُوضِحَةً، وُزِّعَ الْأَرْشُ عَلَى الْبَعْضَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: مُوضِحَتَانِ، وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ لِمَا تَعَدَّى بِهِ، وَلَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ عَمْدًا وَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا خَطَأً، وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ: أَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ عَمْدًا تَدَاخَلَ الْأَرْشَانِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشٌ ثَالِثٌ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ؟ وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا: أَرْشٌ فَقَطْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
يَتَعَدَّدُ أَرْشُ الْجَائِفَةِ بِتَعَدُّدِهَا، فَلَوْ أَجَافَ جَائِفَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا، أَوْ تَآكَلَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ رَفَعَهُ غَيْرُ الْجَانِي؛ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُوضِحَةِ.
وَتَتَعَدَّدُ الْجَائِفَةُ بِتَعَدُّدِ الصُّورَةِ؛ بِأَنْ يَجْرَحَهُ جِرَاحَتَيْنِ نَافِذَتَيْنِ إِلَى الْجَوْفِ؛ فَإِنْ بَقِيَ بَيْنَهُمَا الْجِلْدَةُ الظَّاهِرَةُ، أَوِ انْخَرَقَ مَا تَحْتَهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُوضِحَةِ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ، بِأَنْ يَنْفُذَ جِرَاحَتَيْنِ إِلَى جَوْفَيْنِ وَيَتَعَدَّدَ الْفَاعِلُ، بِأَنْ يُوَسِّعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ، وَفَصَّلَهُ الْأَصْحَابُ فَقَالُوا: إِنْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ فِي جَائِفَةِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ، وَإِنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنَ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ أَوْ بِالْعَكْسِ؛ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنَ الظَّاهِرِ وَمِنْ جَانِبِ بَعْضِ الْبَاطِنِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يُنْظَرُ فِي ثَخَانَةِ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ وَيَسْقُطُ أَرْشُ الْجَائِفَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنَ الْجَائِفَتَيْنِ، وَقَدْ يَقْتَضِي التَّقْسِيطُ تَمَامَ الْأَرْشِ، بِأَنْ يَقْطَعَ نِصْفَ الظَّاهِرِ مِنْ جَانِبٍ، وَنِصْفَ الْبَاطِنِ مِنْ جَانِبٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ مِنْ أَطْرَافِ الْجَائِفَةِ شَيْئًا، وَلَكِنْ زَادَ فِي غَوْرِهَا، أَوْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ عُضْوٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute