وَفِي اسْتِئْصَالِهِمَا قَطْعًا أَوْ قَلْعًا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَحُكِيَ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ أَنَّ فِيهِمَا الْحُكُومَةُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ، وَتُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ، وَسَوَاءٌ أُذُنُ السَّمِيعِ وَالْأَصَمِّ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأُذُنِ، وَلَوْ ضَرْبَ أُذُنَهُ، فَاسْتَحْشَفَتْ، أَيْ: يَبِسَتْ كَشَلَلِ الْيَدِ؛ فَقَوْلَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا: تَجِبُ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ، فَشُلَّتْ، وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ إِلَّا الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَا تَبْطُلُ بِالِاسْتِحْشَافِ بِخِلَافِ الشَّلَلِ.
وَلَوْ قَطَعَ أُذُنًا مُسْتَحْشَفَةً، بُنِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، إِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: تَجِبُ الدِّيَةُ، وَجَبَ هُنَا حُكُومَةٌ، كَمَنْ قَطَعَ يَدًا شَلَّاءَ، وَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ الْحُكُومَةُ، وَجَبَ هُنَا الدِّيَةُ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: هَذِهِ الْحُكُومَةُ مَعَ الْحُكُومَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الِاسْتِحْشَافُ عَنْ كَمَالِ الدِّيَةِ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى اسْتِئْصَالِ الشَّاخِصِ، بَلْ أَوْضَحَ مَعَهُ الْعَظْمَ، وَجَبَ دِيَةُ الْأُذُنِ، وَأَرْشُ الْمُوضِحَةَ وَلَا تَتْبَعُهَا، لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرًا.
الْعُضْوُ الثَّانِي: الْعَيْنَانِ؛ فَفِي فَقْئِهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إِحْدَاهُمَا: نِصْفُهَا، وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ السَّلِيمَةُ لَا يَجُبْ فِيهَا إِلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ. وَلَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِثْلَ عَيْنِهِ الْمُبْصِرَةِ، اقْتُصَّ مِنْهُ. وَتَكْمُلُ الدِّيَةُ فِي عَيْنِ الْأَحْوَلِ وَالْأَعْمَشِ، وَالْعَمَشُ: ضَعْفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ خَلَلَ الْأَعْمَشِ فِي الْأَجْفَانِ، وَفِي عَيْنِ الْأَعْشَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَيُبْصِرُ نَهَارًا، وَالْأَخْفَشُ، وَهُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ ضَعِيفُ الْبَصَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْعَيْنِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ لَمْ يُمْنَعِ الْقِصَاصُ وَلَا كَمَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute