الْعُضْوُ السَّادِسُ: اللِّسَانُ، فَفِيهِ دِيَةٌ، وَلِسَانُ الْأَلْكَنِ، وَالْمُبَرْسَمِ الَّذِي ثَقُلَ كَلَامُهُ، وَالْأَلْثَغُ كَغَيْرِهِ، وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ أَصْلِيًّا أَمْ عَارِضًا، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ سَلَمَةَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
وَهَذَا إِذَا لَمْ يَذْهَبِ الذَّوْقُ بِقَطْعِ الْأَخْرَسِ، أَوْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ ذَوْقُهُ قَبْلَهُ؛ فَأَمَّا إِذَا قُطِعَ لِسَانُهُ، فَذَهَبَ ذَوْقُهُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ تَعَذَّرَ النُّطْقُ لَا لِخَلَلٍ فِي اللِّسَانِ، وَلَكِنَّهُ وُلِدَ أَصَمَّ، فَلَمْ يُحْسِنِ الْكَلَامَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ أَمِ الْحُكُومَةُ، وَجْهَانِ يَجِيءُ ذِكْرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ قَطَعَ لِسَانَ طِفْلٍ، نُظِرَ، إِنْ نَطَقَ بِبَابَا وِدَادَا وَنَحْوِهِمَا، أَوْ كَانَ يُحَرِّكُهُ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَالضَّحِكِ وَالِامْتِصَاصِ تَحْرِيكًا صَحِيحًا، وَجَبَتِ الدِّيَةُ لِظُهُورِ آثَارِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نُطْقٌ وَتَحْرِيكٌ، فَإِنْ كَانَ بَلَغَ وَقْتَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ؛ فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الدِّيَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ، كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِجْلِهِ وَيَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ بَطْشٌ، وَبِهَذَا قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ فِي طُرُقِهِمْ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْوَاجِبَ الْحُكُومَةُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِيهِ قَوْلَيْنِ.
وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ طِفْلٌ وَاقْتَضَى الْحَالُ إِيجَابَ الْحُكُومَةِ، فَأَخَذْنَاهَا، ثُمَّ نَطَقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ وَعَرَفْنَا سَلَامَةَ لِسَانِهِ أَوْجَبْنَا تَمَامَ الْقَدْرِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقَطْعُ مِنَ الدِّيَةِ.
وَلَوْ كَانَ لِلِسَانِهِ طَرَفَانِ، نُظِرَ، إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْخِلْقَةِ، فَهُوَ لِسَانٌ مَشْقُوقٌ؛ فَيَجِبُ بِقَطْعِهِمَا الدِّيَةُ، وَبِقَطْعِ أَحَدِهِمَا قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَامَّ الْخِلْقَةِ أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ زَائِدًا؛ فَفِي قَطْعِهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَفِي الْأَصْلِيِّ دِيَةٌ، وَفِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ، وَلَا يُبَلِّغُ بِحُكُومَتِهِ دِيَةَ قَدْرِهِ مِنَ اللِّسَانِ مِنْ ثُلْثٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا. وَفِي قَطْعِ اللَّهَاةِ الْحُكُومَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute