فَرْعٌ
نَقَصَ سَمْعُهُ مِنَ الْأُذُنَيْنِ؛ نُظِرَ، إِنْ عَرَفَ قَدْرَ مَا نَقَصَ، بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعٍ فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ دُونِهِ، ضَبَطَ مَا نَقَصَ، وَوَجَبَ قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنْ نَقَصَ سَمْعُهُ، وَثَقُلَتْ أُذُنُهُ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِالِاعْتِبَارِ بِسَلِيمِ السَّمْعِ فِي مِثْلِ سِنِّهِ وَصِحَّتِهِ؛ بِأَنْ يُجْلَسَ بِجَنْبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيُؤْمَرَ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَيُنَادِيهِمَا مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، ثُمَّ يُقَرَّبُ الْمُنَادِي شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ يَقُولَ السَّلِيمُ: سَمِعْتُ؛ فَيُعْرَفَ الْمَوْضِعُ، ثُمَّ يُدِيمُ الْمُنَادِي ذَلِكَ الْحَدَّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَيَقْرُبَ إِلَى أَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: سَمِعْتُ، فَيُضْبَطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ. وَإِنْ نَقَصَ سَمْعُهُ مِنْ إِحْدَى الْأُذُنَيْنِ، صُمِمَتِ الْعَلِيلَةُ، وَضُبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الصَّحِيحَةِ، ثُمَّ تُصْمَمُ الصَّحِيحَةُ، وَيُضْبَطُ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْعَلِيلَةِ، وَيَجِبُ مِنَ الدِّيَةِ بِقِسْطِ التَّفَاوُتِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْجَانِيَ فِي دَعْوَى انْتِقَاصِ السَّمْعِ، فَالْمُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، سَوَاءٌ ادَّعَى نَقْصَهُ مِنَ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا، لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
الثَّالِثُ: الْبَصَرُ. فَفِي إِذْهَابِهِ مِنَ الْعَيْنَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَمِنْ إِحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، سَوَاءٌ ضَعِيفُ الْبَصَرِ بِالْعَمَشِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَحْوَلُ وَالْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُمْ، وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ، لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ، كَقَطْعِ يَدَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ، وَذَهَبَ سَمْعُهُ، لَمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَيْسَ السَّمْعُ فِي الْأُذُنَيْنِ.
وَلَوْ قَالَ عَدْلَانِ: إِنَّ الْبَصَرَ يَعُودُ، فُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً، أَوْ لَا يُقَدِّرُوا، وَيَكُونُ حُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الْأُذُنَيْنِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ، وَفِي الدِّيَةِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ غَيْرِ مَثْغُورٍ، وَمَاتَ قَبْلَ أَوَانِ النَّبَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute