فِي التَّصَرُّفِ فِي الشَّارِعِ سَبَقَ بَعْضُهُ فِي الصُّلْحِ وَفِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَيُذْكَرُ هُنَا بَقِيَّتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا يَجُوزُ إِشْرَاعُ الْأَجْنِحَةِ الَّتِي تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ إِلَى الشَّارِعِ؛ فَلَوْ فَعَلَ مُنِعَ. وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مِنْ هَلَاكٍ يَكُونُ مَضْمُونًا. فَإِنْ كَانَ الْجَنَاحُ عَالِيًا غَيْرَ مُضِرٍّ؛ فَلَا مَنْعَ مِنْ إِشْرَاعِهِ، وَكَذَا بِنَاءُ السَّابَاطِ الْعَالِي؛ لَكِنْ لَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ هَلَاكُ إِنْسَانٍ؛ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ هَلَكَ بِهِ مَالٌ؛ وَجَبَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الْإِمَامُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا إِلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ؛ ضَمِنَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْهُ، وَبِإِذْنِ أَهْلِهِ لَا ضَمَانَ؛ كَالْحَفْرِ فِي دَارِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ.
الثَّانِيَةُ: يَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مِلْكِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ بِشَرْطِ جَرَيَانِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَاجْتِنَابِ الْإِسْرَافِ؛ فَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ نَصَبَ شَبَكَةً أَوْ سِكِّينًا، وَتَعَثَّرَ بِهِ إِنْسَانٌ فَهَلَكَ، أَوْ عَلَى طَرَفِ سَطْحِهِ، فَوَقَعَ عَلَى شَخْصٍ، أَوْ عَلَى مَالٍ، أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ؛ فَأَلْقَتْهَا الرِّيحُ، أَوِ ابْتَلَّ مَوْضِعُهَا فَسَقَطَتْ؛ فَلَا ضَمَانَ.
وَكَذَا لَوْ وَقَفَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَرَفَسَتْ إِنْسَانًا أَوْ بَالَتْ فَأَفْسَدَتْ بِهِ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا هُوَ خَارِجُ الْمِلْكِ، أَوْ كَانَ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فِي مِلْكِهِ، فَأَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ عَيْنَ إِنْسَانٍ فَأَبْطَلَ ضَوْءَهَا؛ فَلَا ضَمَانَ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَتَنَدَّى جِدَارُ جَارِهِ فَانْهَدَمَ، أَوْ غَارَ مَاءُ بِئْرِهِ أَوْ حَفَرَ بَالُوعَةً فَتَغَيَّرَ مَاءُ بِئْرِ الْجَارِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُلَّاكَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِخِلَافِ الْإِشْرَاعِ إِلَى الشَّارِعِ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ.
وَلَوْ قَصَّرَ فَخَالَفَ الْعَادَةَ فِي سِعَةِ الْبِئْرِ ضَمِنَ؛ فَإِنَّهُ إِهْلَاكٌ، وَلْيَكُنْ كَذَلِكَ إِذَا قَرَّبَ الْحَفْرَ مِنَ الْجِدَارِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَيَمْنَعُ مِنْ وَضْعِ السِّرْجِينِ فِي أَصْلِ حَائِطِ الْجَارِ، وَلَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ، أَوْ عَلَى سَطْحِهِ؛ فَطَارَ الشَّرَرُ إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ؛ فَلَا ضَمَانَ إِلَّا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute