للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا دِيَةُ الْمَاشِي، وَأَنَّهُ إِذَا عَثَرَ بِالْوَاقِفِ، كَانَ دَمُ الْمَاشِي مُهْدَرًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَى الْوُقُوفِ لِكَلَالٍ، أَوِ انْتِظَارِ رَفِيقٍ، أَوْ سَمَاعِ كَلَامٍ، فَالْوُقُوفُ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ كَالْمَشْيِ؛ لَكِنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي، فَخُصَّ بِالضَّمَانِ وَالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ لَيْسَا مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ؛ فَمَنْ فَعَلَهُمَا فَقَدْ تَعَدَّى وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ.

وَالثَّانِي: وُجُوبُ دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: يُهْدَرُ دَمُ الْقَاعِدِ وَالنَّائِمِ وَالْوَاقِفِ، وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَاشِي عَلَى عَاقِلَتِهِمْ. وَالرَّابِعُ: يُهْدَرُ دَمُ الْمَاشِي، وَتَجِبُ دِيَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِحَرَكَتِهِ، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ الْأَعْمَى فِي الطَّرِيقِ بِلَا قَائِدٍ فَأُتْلِفُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.

هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْوَاقِفِ فِعْلٌ؛ فَإِنْ وَجَدْنَا بِأَنِ انْحَرَفَ إِلَى الْمَاشِي لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ، فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ فَمَاتَا؛ فَهُمَا كَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوِ انْحَرَفَ عَنْهُ فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ، أَوِ انْصَرَفَ إِلَيْهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَ تَمَامِ انْحِرَافِهِ؛ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ وَاقِفًا لَا يَتَحَرَّكُ. وَلَوْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ فَعَثَرَ بِهِ إِنْسَانٌ وَمَاتَا؛ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَاشِي دِيَةُ الْجَالِسِ، وَيُهْدَرُ دَمُ الْمَاشِي، كَمَا لَوْ جَلَسَ فِي مِلْكِهِ فَعَثَرَ بِهِ مَاشٍ، وَلَوْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ مُعْتَكِفًا؛ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ جَلَسَ لِأَمْرٍ يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْهُ، أَوْ نَامَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ؛ فَهُوَ كَمَا لَوْ نَامَ فِي الطَّرِيقِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.

فَرْعٌ

حَيْثُ أَطْلَقَ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَمَا قَبْلَهَا. وَقِيلَ: إِنَّهُ عَلَى الْحَافِرِ، أَوْ وَاضِعِ الْحَجَرِ، أَوِ الْقَاعِدِ، وَنَاصِبِ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ، وَمُلْقِي الْقُمَامَةِ، وَقِشْرِ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمْ. فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِمْ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>