إِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَقَدْ مَضَى مِنْهُ مَا يُمْكِنُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَالنَّصُّ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ. وَنَصَّ فِيمَا إِذَا أَدْرَكَتْ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَدْرَ الْإِمْكَانِ ثُمَّ حَاضَتْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْعُذْرِ. فَقَالَ الْأَصْحَابُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ: الْعَمَلُ بِظَاهِرِ النَّصَّيْنِ، وَالثَّانِي: فِيهِمَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُ الْحَائِضَ الصَّلَاةُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ الْإِتْمَامُ. وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ وَيَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ. وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ: إِنْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْصُرْ. وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ قَصَرَ. وَالْجُمْهُورُ: عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ. أَمَّا إِذَا سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا: كُلُّهَا أَدَاءٌ قَصَرَ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ مَضَى مِنَ الْوَقْتِ دُونَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَسَافَرَ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الْقَصْرُ إِنْ قُلْنَا: تَمْتَنِعُ لَوْ مَضَى مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقَدْرِ النَّاقِصِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ عُرُوضَ السَّفَرِ لَا يُنَافِي إِتْمَامَ الصَّلَاةِ، وَعُرُوضَ الْحَيْضِ يُنَافِيهِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ شَاذٌّ مَرْدُودٌ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَقْصُرُ هُنَا بِلَا خِلَافٍ. وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّهُ يَقْصُرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute