رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا إِذْ لَا تَقْصِيرَ، وَالثَّانِي قَالَهُ الْقَفَّالُ: يَجِبُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِرْكَابِ خَطَرًا؛ هَكَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الْوَجْهَيْنِ، وَخَصَّهُمَا الْإِمَامُ بِالْإِرْكَابِ لِزِينَةٍ أَوْ حَاجَةٍ غَيْرِ مُهِمَّةٍ؛ قَالَ: فَأَمَّا إِذَا مَسَّتْ حَاجَةٌ أَرْهَقَتْ إِلَى إِرْكَابِهِ لِلِانْتِقَالِ إِلَى مَكَانٍ؛ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا، ثُمَّ الْوَجْهَانِ مَخْصُوصَانِ بِمَا إِذَا ظَهَرَ ظَنُّ السَّلَامَةِ؛ فَأَمَّا إِذَا أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ دَابَّةً شَرِسَةً جَمُوحًا؛ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ.
الرَّابِعَةُ: اصْطِدَامُ الْمَرْأَتَيْنِ كَالرَّجُلَيْنِ؛ فَإِنِ اصْطَدَمَ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا وَمَاتَ جَنِينَاهُمَا؛ وَجَبَ فِي تَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ إِيجَابُ الْكَفَّارَةِ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ، وَعَدَمُ تَجْزِئَةِ الْكَفَّارَةِ؛ فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ، وَجَبَ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّجْزِئَةِ؛ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ كَفَّارَةٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبَتِهَا وَنِصْفُ غُرَّةِ كُلِّ جَنِينٍ.
الْخَامِسَةُ: اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا؛ وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْحَيِّ، وَإِنْ مَاتَا فَمُهْدَرَانِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ؛ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ قِيمَتُهُمَا، أَمِ اخْتَلَفَتْ. وَإِنِ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ وَمَاتَ الْعَبْدُ؛ فَنِصْفُهُ هَدَرٌ، وَتَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ.
وَهَلْ تَكُونُ عَلَى الْحُرِّ أَمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ وَإِنْ مَاتَ الْحُرُّ؛ وَجَبَ نِصْفُ دِيَتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ وَإِنْ مَاتَا مَعًا. فَإِنْ قُلْنَا: قِيمَةُ الْعَبْدِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ وَجَبَ نِصْفُهَا فِي تَرِكَةِ الْحُرِّ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ رَقَبَتِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْقِيمَةَ؛ فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ؛ فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنَ الْعَاقِلَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَيَدْفَعُ نِصْفَ الدِّيَةِ إِلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ؛ إِمَّا مِنْ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ أَنْ يَثْبُتَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ مُطَالَبَةُ عَاقِلَتِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ؛ وَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ السَّيِّدُ لِيَتَوَثَّقُوا بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute