للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبِ نِصْفِ الْغُرَّةِ، وَالْأَصَحُّ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَأَنَّ الْمُوجِبَ الضَّرْبُ لِتَأْثِيرِهِ؛ فَإِنْ أَوْجَبْنَا، بُنِيَ عَلَى أَنَّ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ هَلْ يُوَرَّثُ.

إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ؛ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ غَيْرُ سَيِّدِهِ وَأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ وَبَعْضُهَا رَقِيقٌ؛ وَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَهَلْ هُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ أَمْ لِلْمَالِكِ نِصْفُهُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْفَرَائِضِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُعَتِقُ مُوسِرًا؛ فَإِنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ أَوْ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ وَأَدَّاهَا قَبْلَ الْإِجْهَاضِ؛ فَعَلَى الْجَانِي الْغُرَّةُ وَتُصْرَفُ إِلَى وَرَثَةِ الْجَنِينِ، وَإِنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ وَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى أُجْهِضَتْ؛ فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا.

وَإِنْ قُلْنَا: الْعِتْقُ مَوْقُوفٌ؛ فَإِنْ أَدَّى الْقِيمَةَ تَبَيَّنَ حُصُولُ الْعِتْقِ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا إِذَا قُلْنَا: تَحْصُلُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ، فَكَمَا ذَكَرْنَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهَا جَانٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا؛ فَالْجَانِي الْمُعْتِقُ أَوْ شَرِيكُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُعَتِقَ، نُظِرَ؛ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا، بَقِيَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مِلْكًا لَهُ.

فَعَلَيْهِ لَهُ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَعَلَيْهِ لِلنِّصْفِ الَّذِي عَتَقَ نِصْفُ الْغُرَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، هَلْ يُوَرَّثُ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ السَّرَايَةُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، أَوْ قُلْنَا: بِالْوَقْفِ، وَأَدَّى الْقِيمَةَ، غَرِمَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ حَامِلًا وَلَا يُفْرَدُ الْجَنِينُ بِقِيمَتِهِ؛ بَلْ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي التَّقْوِيمِ، كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ، وَيَلْزَمُهُ بِالْجِنَايَةِ الْغُرَّةُ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ حُرٌّ، وَتَرِثُ الْأُمُّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ، وَالْبَاقِي مِنْهَا لِعَصَبَتِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ.

وَإِنْ جَنَى الشَّرِيكُ الْآخَرُ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُعْسِرًا؛ فَنِصْفُ الْجَنِينِ مَمْلُوكٌ لِلْجَانِي؛ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ غُرَّةِ لِلنِّصْفِ الْحُرِّ، وَيَعُودُ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لِمَنْ هُوَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَحْصُلُ السَّرَايَةُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، أَوْ قُلْنَا: بِالْوَقْفِ، وَلَمْ يُؤَدِّ الْقِيمَةَ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>