قِيمَةُ الْغُرَّةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ قَطْعًا؛ فَإِذَا أَوْجَبْنَا الْإِبِلَ، فَفَقَدَتْ؛ فَهُوَ كَفَقْدِهَا فِي الدِّيَةِ؛ فَعَلَى الْجَدِيدِ: تَجِبُ قِيمَتُهَا، وَعَلَى الْقَدِيمِ: يَجِبُ خَمْسُونَ دِينَارًا، أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ.
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي مُسْتَحِقِّ الْغُرَّةِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ
أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ؛ فَوَرَثَةُ الْجَنِينِ، فَلَوْ جَنَتِ الْحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا بِشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنَ الْغُرَّةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ عَاقِلَتِهَا، لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ، وَهِيَ لِسَائِرِ وَرَثَةِ الْجَنِينِ.
وَأَمَّا مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْغُرَّةُ؛ فَالْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ قَدْ تَكُونُ خَطَأً مَحْضًا، بِأَنْ يَقْصِدَ غَيْرَ الْحَامِلِ فَيُصِيبُهَا، وَقَدْ تَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ؛ بِأَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهَا بِمَا يُؤَدِّي إِلَى الْإِجْهَاضِ غَالِبًا، فَتُجْهَضَ، وَلَا تَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَحَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
وَفِي «الْمُهَذَّبِ» أَنَّهُ يَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا إِذَا قَصَدَ الْإِجْهَاضَ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَإِنْ قَصْدَهَا بِالضَّرْبِ يَكُونُ خَطَأً مَحْضًا فِي حَقِّ الْجَنِينِ؛ فَعَلَى الصَّحِيحِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَالْغُرَّةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَالْغُرَّةُ بَدَلُ نَفْسٍ؛ فَلَا يَجِيءُ فِيهَا الْقَوْلُ الْقَدِيمُ فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ النَّفْسِ، وَفِي «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» لِلرُّويَانِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَثْبَتَ فِيهَا الْقَدِيمَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَإِذَا فُقِدَتِ الْغُرَّةُ وَقُلْنَا: تَنْتَقِلُ إِلَى خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، غَلَّظْنَا إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ شِبْهَ عَمْدٍ؛ بِأَنْ تُؤْخَذَ حِقَّةٌ وَنِصْفُ، وَجَذَعَةٌ وَنِصْفُ، وَخِلْفَتَانِ؛ قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي التَّغْلِيظِ عِنْدَ وُجُودِ الْغُرَّةِ، لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ؛ وَهَذَا حَسَنٌ. أَمَّا بَدَلُ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ فَلِسَيِّدِهِ؛ وَهَلْ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute