تَجُوزُ مَعَ التَّحَلُّلِ، وَوَجْهٌ: أَنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ. وَهُوَ قَوْلٌ خَرَّجَهَ الْمُزَنِيُّ لِلشَّافِعِيِّ. وَوَجْهٌ آخَرُ لِأَصْحَابِنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ: أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ لَا تُشْتَرَطُ أَصْلًا.
قُلْتُ: قَالَ الدَّارِمِيُّ: لَوْ نَوَى الْجَمْعَ، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى، ثُمَّ نَوَى الْجَمْعَ ثَانِيًا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْمُوَالَاةُ. وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ اشْتِرَاطُهَا. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ: يَجُوزُ الْجَمْعُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْأُولَى. وَحَكَى عَنْ نَصِّهِ فِي (الْأُمِّ) : أَنَّهُ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي بَيْتِهِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، وَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ جَازَ. وَالْمَعْرُوفُ: اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ، فَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: حَدَّ أَصْحَابُنَا الْيَسِيرَ بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ. وَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ: أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْفَصْلِ إِلَى الْعَادَةِ. وَقَدْ تَقْتَضِي الْعَادَةُ احْتِمَالَ زِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ الْإِقَامَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ، جَوَّزُوا الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ، وَقَالُوا: لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالطَّلَبِ وَالتَّيَمُّمِ لَكِنْ يُخَفَّفُ الطَّلَبُ. وَمَنَعَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ جَمْعَ الْمُتَيَمِّمِ لِلْفَصْلِ بِالطَّلَبِ. وَمَتَى طَالَ الْفَصْلُ امْتَنَعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ إِلَى الْأُولَى، وَيَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُهَا إِلَى وَقْتِهَا، سَوَاءً طَالَ بِعُذْرٍ كَالسَّهْوِ وَالْإِغْمَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَلَوْ جَمَعَ فَتَذَكَّرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنَ الْأُولَى، بَطَلَتَا جَمِيعًا، وَلَهُ إِعَادَتُهُمَا جَامِعًا. وَلَوْ تَذَكَّرَ تَرْكَهُ مِنَ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ تَدَارَكَ وَمَضَتِ الصَّلَاتَانِ عَلَى الصِّحَّةِ. وَإِنْ طَالَ بَطَلَتِ الثَّانِيَةُ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ لِطُولِ الْفَصْلِ بِالثَّانِيَةِ الْبَاطِلَةِ، فَيُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا. فَلَوْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ تَرَكَ مِنَ الْأُولَى أَمْ مِنَ الثَّانِيَةِ لَزِمَهُ إِعَادَتُهُمَا لِاحْتِمَالِ التَّرْكِ مِنَ الْأُولَى. وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي قَوْلٍ شَاذٍّ: يَجُوزُ كَمَا لَوْ أُقِيمَتْ جُمُعَتَانِ فِي بَلَدٍ، وَلَمْ يَعْلَمِ السَّابِقَةَ مِنْهُمَا، يَجُوزُ إِعَادَةُ الْجُمُعَةِ فِي قَوْلٍ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَلَوْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُشْتَرَطِ التَّرْتِيبُ وَلَا الْمُوَالَاةُ وَلَا نِيَّةُ الْجَمْعِ حَالَ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَتُشْتَرَطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute