للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَرَثَةَ وَإِنْ كَانَ لَهُمُ الْقَسَامَةُ، لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا مُتَيَقِّنِينَ، فَالْأَيْمَانُ لَا تَجِبُ قَطُّ.

فَرْعٌ

لَوْ قَطَعْتَ يَدَ عَبْدٍ، فَعَتِقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ، وَذَكَرْنَا قَوْلَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا: لِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَكَمَالِ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ كَمَالِ الْقِيمَةِ وَكَمَالِ الدِّيَةِ، فَلَوْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْجِنَايَةُ فِي مَحَلِّ لَوْثٍ وَكَانَ الْوَاجِبُ قَدْرَ مَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ وَلَا يَفْضُلُ شَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ، فَهَلْ يُقْسِمُ؟ يُبْنَى عَلَى مَا لَوْ مَاتَ رَقِيقًا، إِنْ قُلْنَا: يُقْسِمُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُقْسِمُ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْقَتِيلَ حُرٌّ، وَالْوَاجِبُ دِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ يَفْضُلُ عَنِ الْوَاجِبِ شَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ، أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ قَطْعًا، وَفِي قَسَامَةِ السَّيِّدِ الْخِلَافُ، إِنْ قُلْنَا: لَا يُقْسِمُ، أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَإِلَّا فَالسَّيِّدُ مَعَ الْوَارِثِ كَالْوَارِثِينَ، فَيَعُودُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا، أَمْ تُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ مَا يَأْخُذَانِ.

فَرْعٌ

إِذَا ارْتَدَّ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بَعْدَ مَا أَقْسَمَ، فَالدِّيَةُ ثَابِتَةٌ، وَلَهَا حُكْمُ سَائِرِ أَمْوَالِهِ الَّتِي ارْتَدَّ عَلَيْهَا، وَإِنِ ارْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ، قَالَ الْأَصْحَابُ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَعْرِضَ الْحَاكِمُ الْقَسَامَةَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، فَإِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَقْسَمَ، وَلَوْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْقَسَامَةِ، وَاسْتِحْقَاقُ الدِّيَةِ بِهَا، وَهِيَ كَمَالُ كَسْبِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوِ ارْتَدَّ الْوَلِيُّ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ، وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ وَالْوَلِيُّ مُرْتَدٌّ، لَمْ يُقْسِمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَتَلَ الْعَبْدَ، وَارْتَدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>