فَرْعٌ
إِذَا كَتَبَ قَاضِيهِمْ حَيْثُ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ إِلَى حَاكِمِ أَهْلِ الْعَدْلِ، جَازَ قَبُولُهُ وَتَنْفِيذُهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْبَلَ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ، وَإِنْ كَتَبَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ، فَهَلْ يَحْكُمُ قَاضِينَا بِهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ، وَحَكَى الْإِمَامُ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ، وَاسْتَعَانَ فِيهِ بِالِاسْتِيفَاءِ، قَالَ: وَكُنْتُ أَوَدُّ لَوْ فَصَلَ فَاصِلٌ بَيْنَ حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِأَهْلِ النَّجْدَةِ، وَحُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالرَّعَايَا.
لَوْ وَرَدَ مِنْ قَاضِي الْبُغَاةُ كِتَابٌ عَلَى قَاضِينَا، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ أَمْ لَا، فَفِي قَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ، قَالَ: وَاخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمَا: الْمَنْعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا أَقَامَ الْبُغَاةُ الْحُدُودَ عَلَى جُنَاةِ الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الزَّكَاةَ مِنْ أَهْلِهِ وَخَرَاجَ أَرْضِهِ، وَجِزْيَةَ الذِّمِّيِّينَ فِيهِ، اعْتَدَّ بِمَا فَعَلُوهُ، وَإِذَا عَادَ الْبَلَدُ إِلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، لَمْ يُطَالِبُوا أَهْلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْجِزْيَةِ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبُعْدِهَا عَنِ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ فَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ مِنَ الْفَيْءِ عَلَى جُنْدِهِمْ، فَفِي وُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، لِئَلَّا يَكُونَ عَوْنًا لَهُمْ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ ; لِأَنَّهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ، وَإِرْعَابُ الْكُفَّارِ حَاصِلٌ بِهِمْ.
إِذَا عَادَ الْبَلَدُ إِلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، فَادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنَّ الْبُغَاةَ اسْتَوْفَوْهُ، وَلَا يَعْلَمُ الْإِمَامُ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ، فَإِنْ كَانَ زَكَاةً، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَهَلِ الْيَمِينُ وَاجِبَةٌ أَمْ مُسْتَحَبَّةٌ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute