مُسْلِمًا، وَقَالَ الْآخَرُ: كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَمَاتَ كَافِرًا، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَهُ، فَقَالَ: سَجَدَ لِصَنَمٍ، أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَفَرَ بِهِ، فَلَا إِرْثَ لَهُ، وَيُصْرَفُ نَصِيبُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: يُصْرَفُ إِلَيْهِ نَصِيبُهُ وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا، وَالثَّانِي: يُجْعَلُ فَيْئًا، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ: يَسْتَفْصِلُ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ، كَانَ فَيْئًا، وَإِنْ ذَكَرَ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، صُرِفَ إِلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: مَاتَ كَافِرًا ; لِأَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ، فَهَلْ يَرِثُهُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ.
فَرْعٌ
تَلَفَّظَ أَسِيرٌ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ مُكْرَهًا، لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ هُنَاكَ، مَاتَ مُسْلِمًا وَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، عُرِضَ عَلَيْهِ الدِّينُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا فِيمَا أَتَى بِهِ، وَهُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، أَحَدُهَا: أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْعَرْضَ، وَشَرَطَ لَهُ ابْنُ كَجٍّ أَنْ لَا يَؤُمَّ الْجَمَاعَاتِ وَلَا يُقْبِلَ عَلَى الطَّاعَاتِ بَعْدَ الْعَوْدِ إِلَيْنَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا عَرْضَ.
الثَّانِي: سَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ كَوْنِ هَذَا الْعَرْضِ مُسْتَحَبًّا أَمْ وَاجِبًا، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: مُسْتَحَبٌّ ; لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ.
الثَّالِثُ: إِذَا امْتَنَعَ بَعْدَ الْعَرْضِ، فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَيُسْتَدَلُّ بِامْتِنَاعِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا عِنْدَ التَّلَفُّظِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ بِكُفْرِهِ مِنْ يَوْمئِذٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ احْتِمَالٌ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ وَالتَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْنَا، وَقِيلَ: يَمُوتُ كَافِرًا وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ إِذَا جَاءَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ.
ارْتَدَّ الْأَسِيرُ مُخْتَارًا ثُمَّ رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute