فَيُقْبَلُ إِسْلَامُ الزِّنْدِيقِ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ وَغَيْرُهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إِسْلَامُ الزِّنْدِيقِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا، وَالثَّالِثُ عَنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ: أَنَّ الْمُتَنَاهِينَ فِي الْخُبْثِ، كَدُعَاةِ الْبَاطِنِيَّةِ، لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَرُجُوعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُقْبَلُ مِنْ عَوَامِّهِمْ، وَالرَّابِعُ عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ: أَنَّهُ إِنْ أُخِذَ لِيُقْتَلَ، فَتَابَ، لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ جَاءَ تَائِبًا ابْتِدَاءً، وَظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الصِّدْقِ، قُبِلَتْ، وَالْخَامِسُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: لَا يُقْبَلُ إِسْلَامُ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، وَعَلَى الصَّحِيحِ إِذَا تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ عُزِّرَ.
وَيُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ دُونَ الْإِحْرَاقِ وَغَيْرِهِ، وَيَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ وَلَّاهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ عُزِّرَ، وَيُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ قَتْلِهِ، وَهَلِ الِاسْتِتَابَةُ وَاجِبَةٌ أَمْ مُسْتَحَبَّةٌ؟ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: وَاجِبَةٌ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فِي قَدْرِهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَظْهَرُهُمَا: فِي الْحَالِ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَمْ يُمْهَلْ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْإِمْهَالُ ثَلَاثًا قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اسْتِحْبَابِهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّى فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ، بَلْ يُحْبَسُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ، لَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسِيئًا بِفِعْلِهِ.
فَرْعٌ
إِذَا وَجَبَ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إِمَّا فِي الْحَالِ، وَإِمَّا بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ، فَقَالَ: عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَأَزِيلُوهَا لِأَعُودَ إِلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ نُنَاظِرُهُ لِإِزَالَتِهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ ; لِأَنَّ الْحُجَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّيْفِ، وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّ الشُّبَهَ لَا تَنْحَصِرُ، فَيُورِدُ بَعْضَهَا بِإِثْرِ بَعْضٍ فَتَطُولُ الْمُدَّةُ، فَحَقُّهُ أَنْ يُسْلِمَ، ثُمَّ يَسْتَكْشِفُهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ، وَحَكَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute