للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَإِنِ امْتَنَعَ، قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ، وَلَوْ أَقَرَّ يَهُودِيٌّ بِرِسَالَةِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفِي قَوْلٍ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ جَحَدَ رِسَالَتَهُ، كَفَرَ، نَقَلَ هَذَا كُلَّهُ الْبَغَوِيُّ وَهُوَ طَرِيقَةٌ، ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ أَنَّ الْإِمَامَ نَسَبهَا إِلَى الْمُحَقِّقِينَ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافُهَا.

فَرْعٌ

فِي «الْمِنْهَاجِ» لِلْإِمَامِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْإِيمَانَ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ كَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ غَيْرُ اللَّهِ، أَوْ لَا إِلَهَ سِوَى اللَّهِ، أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ، أَوْ مَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا الرَّحْمَنُ، أَوْ لَا رَحْمَنَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا الْبَارِئُ، أَوْ لَا بَارِئَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: أَحْمَدُ أَوْ أَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ كَافِرٌ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينٍ قَبْلَ ذَلِكَ، صَارَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا حَتَّى يَقُولَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْتُ بِمَا كُنْتُ أُشْرِكُ بِهِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، أَوْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ، كَقَوْلِهِ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِكَافِرٍ: أَسْلِمْ لِلَّهِ، أَوْ آمِنْ بِاللَّهِ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ أَوْ آمَنْتُ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ مُؤْمِنًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَوْ أُسْلِمُ لِلَّهِ، فَهُوَ إِيمَانٌ، كَمَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ، يَمِينٌ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْوَعْدِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: اللَّهُ رَبِّي، أَوِ اللَّهُ خَالِقِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِينٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُوَ إِيمَانٌ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ بِقِدَمِ شَيْءٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّهُ لَا قَدِيمَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: لَا خَالِقَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ الْمُشَبِّهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَمْ يَكُنْ إِسْلَامًا حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنَ التَّشْبِيهِ وَيُقِرَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>