للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا الْمُحْيِي الْمُمِيتُ، فَإِنْ لَمْ يَكُ مِنَ الطَّبَائِعِيِّينَ كَانَ مُؤْمِنًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ، فَلَا حَتَّى يَقُولَ: إِلَّا اللَّهُ، أَوْ إِلَّا الْبَارِيُ، أَوِ اسْمًا آخَرَ لَا تَأْوِيلَ لَهُمْ فِيهِ، وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الْمَالِكُ، أَوِ الرَّازِقُ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ السُّلْطَانَ الَّذِي يَمْلِكُ أَمْرَ الْجُنْدِ وَيُرَتِّبُ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ لَا رَازِقَ إِلَّا اللَّهُ، كَانَ مُؤْمِنًا، وَبِمَثَلِهِ أَجَابَ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَزِيزُ، أَوِ الْعَظِيمُ، أَوِ الْحَكِيمُ، أَوِ الْكَرِيمُ، وَبِالْعُكُوسِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، أَوْ إِلَّا مَلِكُ السَّمَاءِ، كَانَ مُؤْمِنًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ.

وَلَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا سَاكِنُ السَّمَاءِ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ ; لِأَنَّ السُّكُونَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ إِنْ شَاءَ، أَوْ إِنْ كَانَ شَاءَ بِنَا، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْيَهُودِيَّ: أَنَا بَرِئٌ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، أَوْ نَصَرَانِيٌّ: أَنَا بَرِيءٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ; لِأَنَّهُ ضِدُّ الْيَهُودِيَّةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَرِئٌ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ تُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، فَلَيْسَ مُؤْمِنًا ; لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي التَّعْطِيلَ ; لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ وَلَيْسَ بِمِلَّةٍ، فَإِنْ قَالَ: مِنْ كُلِّ مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ مِنْ دِينٍ وَرَأْيٍ وَهَوًى، كَانَ مُؤْمِنًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: الْإِسْلَامُ حَقٌّ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ بِالْحَقِّ وَلَا يَنْقَادُ لَهُ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا حَكَيْنَا عَنِ الْبَغَوِيِّ فِي قَوْلِهِ: دِينُكُمْ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِمُعْتَقِدِ مِلَّةٍ: أَسْلِمْ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ، أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُسَمِّي دِينَهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إِسْلَامًا، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: أَنَا مُسْلِمٌ مِثْلُكُمْ، كَانَ مُقِرًّا بِالْإِسْلَامِ، وَلَوْ قِيلَ لِمُعَطِّلٍ: أَسْلِمْ، فَقَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ، أَوْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ مُقِرًّا بِالْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ لَا دِينَ لَهُ يُسَمِّيهِ إِسْلَامًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>