بِأُجْرَةٍ، أُعْطِيَ أُجْرَةً، وَهَلْ هِيَ فِي مَالِهَا أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ بِأُجْرَةٍ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْحَجِّ، فَعَلَى هَذَا قِيَاسُ اشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِ أَنْ يُؤَخِّرَ التَّغْرِيبَ حَتَّى يَتَيَسَّرَ، وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهَا تُغَرَّبُ، وَيَحْتَاطُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ فَاجْتَمَعَ مَحْرَمَانِ أَوْ مُحْرِمٌ وَزَوْجٌ فَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَصْحَابُ.
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ كَنَظَائِرِهِ، أَحَدُهُمَا: الْإِقْرَاعُ، وَالثَّانِي: يُقَدِّمُ بِاجْتِهَادِهِ مَنْ يَرَاهُ، وَهَذَا أَرْجَحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: يُغَرَّبُ الزَّانِي إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ دُونَهَا، وَقِيلَ: يَكْفِي التَّغْرِيبُ إِلَى مَوْضِعٍ لَوْ خَرَجَ الْمُبَكِّرُ إِلَيْهِ، لَمْ يَرْجِعْ بِيَوْمِهِ، لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّغْرِيبِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ التَّغْرِيبَ إِلَى فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَعَلَ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لَمْ يَجُزِ التَّغْرِيبُ إِلَى مَا فَوْقَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، غَرَّبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الشَّامِ، وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مِصْرَ، وَالْبَدَوِيُّ يُغَرِّبُ عَنْ حِلَّتِهِ وَقَوْمِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ عَيَّنَ السُّلْطَانُ جِهَةً لِتَغْرِيبِهِ، فَطَلَبَ الزَّانِي جِهَةً غَيْرَهَا، فَهَلْ يُجَابُ أَمْ يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ إِرْسَالًا بَلْ يُغَرِّبُهُ إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، وَإِذَا غُرِّبَ إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، فَهَلْ يُمْنَعُ مِنَ الِانْتِقَالِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يُمَكَّنُ الْمُغَرَّبُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ أَهْلَهُ وَعَشِيرَتَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْحِشُ حِينَئِذٍ، وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ جَارِيَةً يَتَسَرَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute