للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ بِمَحْرَمِيَّةِ رِضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، كَأُخْتِهِ مِنْهُمَا وَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ مِنْ رِضَاعٍ، وَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ، لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ، أَوِ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوِ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ، أَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ ذِمِّيٍّ فَوَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ تُبَاعَ، فَلَا حَدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا حَدَّ، ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْمُصَاهَرَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: يَثْبُتُ النِّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِ بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْفَاعِلِ، فَمِثْلُ أَنْ يَجِدَ امْرَأَةً فِي فِرَاشِهِ، فَيَطَأَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ، فَلَا حَدَّ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الزِّفَافِ أَوْ غَيْرَهَا، وَلَوْ ظَنَّهَا جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ فَكَانَتْ غَيْرَهَا، وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِكَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ تَرَدُّدٌ، يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا حَدَّ ; لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يُحَدُّ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَإِنَّمَا جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَمْتَنِعَ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فِي نَظَائِرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْجِهَةِ، فَقَالَ الْأَصْحَابُ: كُلُّ جِهَةٍ صَحَّحَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَأَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا، لَا حَدَّ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَذَلِكَ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبِلَا شُهُودٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى مَنِ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ أَيْضًا، كَمَا يَحُدُّ الْحَنَفِيُّ عَلَى شُرْبِ النَّبِيذِ، وَلَوْ وَطِئَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى الصَّحِيحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>