الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي السَّرِقَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
لَوْ تَابَ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ، فَهَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ: لَا يَسْقُطُ، لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى إِسْقَاطِ الْحُدُودِ وَالزَّوَاجِرَ، ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَنْ تَابَ قَبْلَ الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي، فَأَمَّا بَعْدَهُ، فَلَا يَسْقُطُ قَطْعًا، وَقِيلَ: هُمَا فِي الْحَالَيْنِ.
إِذْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ بِرُجُوعٍ وَلَا بِالْتِمَاسِ تَرْكِ الْحَدِّ، وَلَا بِالْهَرَبِ وَلَا غَيْرِهَا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا، ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ، هَلْ يُحَدُّ؟ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: نَعَمْ، وَأَبُو إِسْحَاقَ: لَا، إِذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ وَقَدْ بَطَلَ الْإِقْرَارُ.
الْكَلَامُ فِي عَدَدِ الشُّهُودِ لِزِنًا وَرُجُوعِ بَعْضِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، وَهُنَاكَ يُذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَفْسِيرُ الزِّنَا بِخِلَافِ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: زَنَيْتَ، كَانَ قَاذِفًا لِحُصُولِ الْعَارِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا التَّفْسِيرُ كَالشَّهَادَةِ أَمْ لَا كَالْقَذْفِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الِاشْتِرَاطُ أَقْوَى، وَيَسْتَأْنِسُ فِيهِ بِقِصَّةِ مَاعِزٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute