فَرْعٌ
يُؤَخَّرُ قَطْعُ السَّرِقَةِ إِلَى الْبُرْءِ، وَلَوْ سَرَقَ مَنْ لَا يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ، قُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِئَلَّا يُفَوَّتَ الْحَدُّ، وَلَوْ وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى مَرِيضٍ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: يُقَالُ لِلْمُسْتَحَقِّ: اصْبِرْ إِلَى الْبُرْءِ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الضَّرْبِ بِالْعِثْكَالِ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ يُجْلَدُ بِالسِّيَاطِ، سَوَاءٌ يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ أَمْ لَا ; لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضِّيقِ، وَجَلْدُ الشُّرْبِ كَجَلْدِ الزِّنَا.
الرَّابِعَةُ: لَا يُقَامُ الْجَلْدُ فِي حَرٍّ وَلَا بَرْدٍ شَدِيدَيْنِ، بَلْ يُؤَخَّرُ إِلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ، وَكَذَا الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَأَمَّا الرَّجْمُ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، لَمْ يُؤَخَّرْ ; لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ، وَكَذَا إِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ عَلَى الصَّحِيحِ.
لَوْ جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَهَلَكَ الْمَجْلُودُ بِالسِّرَايَةِ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ، وَنَصَّ أَنَّهُ لَوْ خُتِنَ أَقْلَفُ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَهَلَكَ ضُمِنَ، فَقِيلَ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ فِيهِمَا: قَوْلَانِ، وَقِيلَ: بِظَاهِرِ النَّصِيحَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ الْجَلْدَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَالْخِتَانَ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ، فَهَلْ يُضْمَنُ جَمِيعُهُ أَمْ نِصْفُهُ؟ وَجْهَانِ، وَهَلِ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ قَوْلَانِ سَبَقَا، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ لَمْ نُوجِبِ الضَّمَانَ فَالتَّأْخِيرُ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا، وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّأْخِيرَ وَاجِبٌ، وَضَمِنَاهُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ التَّعْجِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute