قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِيهِ، وَلَا يُرَاعَى الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ تَنَازَعَ فِي إِقَامَتِهِ الْإِمَامُ وَالسَّيِّدُ، فَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ لِلْإِمَامِ، أَظْهَرُهَا: الْإِمَامُ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، وَالثَّانِي: السَّيِّدُ لِغَرَضِ إِصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ جَلْدًا فَالسَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا، فَالْإِمَامُ ; لِأَنَّ إِعْمَالَ السِّلَاحِ بِصَاحِبِ الْأَمْرِ أَلْيَقُ، وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ يُقِيمُ حَدَّهُ مُلَّاكُهُ، وَتُوَزَّعُ السِّيَاطُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، فَإِنْ حَصَلَ كَسْرٌ، فَوَّضَ الْمُنْكَسِرَ إِلَى أَحَدِهِمْ، وَهَلْ يُغَرِّبُهُ السَّيِّدُ إِنْ قُلْنَا بِتَغْرِيبِ الْعَبْدِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ ; لِأَنَّهُ بَعْضُ الْحَدِّ، وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ كَالْقِنِّ، وَالْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ كَالْقِنِّ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَا يَحُدُّهُ إِلَّا الْإِمَامُ، وَهَلْ إِقَامَةُ السَّيِّدِ الْحَدَّ بِالْوِلَايَةِ عَلَى مِلْكِهِ، كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ، أَمْ تَأْدِيبًا وَإِصْلَاحًا، كَمُعَالَجَتِهِ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ؟ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
فِيمَا يُقِيمُهُ السَّيِّدُ عَلَى رَقِيقِهِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، أَمَّا التَّعْزِيرُ، فَلَهُ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا يُؤَدِّبُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ التَّعْزِيرَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَيُفْتَقَرُ إِلَى اجْتِهَادِهِ، وَأَمَّا الْحُدُودُ، فَلَهُ الْجَلْدُ فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، وَفِي الشُّرْبِ وَجْهٌ ; لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ فِي بُضْعِ أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ، وَقِيَاسُ هَذَا الْفَرْقِ مَجِيءُ الْوَجْهِ فِي جَلْدِ الْقَذْفِ، وَهَلْ لَهُ قَطْعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَقَتْلُهُ فِي الرِّدَّةِ؟ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: نَعَمْ، لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِجَوَازِ الْقَطْعِ، وَأَجْرَى ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ قِصَاصًا، وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَالْقَتْلَ إِلَى الْإِمَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute