الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْبَغَوِيِّ، وَفِي انْتِقَاضِ عَهْدِ الْمُعَاهِدِ بِالسَّرِقَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: إِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَسْرِقَ، انْتَقَضَ، وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ
سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ وَغَيْرُهُ.
الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ
تَثْبُتُ بِثَلَاثِ حُجَجٍ، إِحْدَاهَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً تُوجِبُ الْقَطْعَ، فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا حَلَفَ، وَجَبَ الْمَالُ وَالْقَطْعُ، هَكَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَكَالْبَيِّنَةِ، وَكِلَاهُمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبَا «الشَّامِلِ» وَ «الْبَيَانِ» وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَكْرَهَ أَمَتِي عَلَى الزِّنَى، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، يَثْبُتُ الْمَهْرُ دُونَ حَدِّ الزِّنَى.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» الْأَوَّلَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: الْإِقْرَارُ، فَإِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ تُوجِبُ الْقَطْعَ، أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرِيرُ الْإِقْرَارِ، فَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ، فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ الْيَدِ، سَقَطَ الْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِلْمَقْطُوعِ قَطْعُ الْبَاقِي لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامُ ذَلِكَ. وَلَوْ أَقَرَّ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ نِصَابَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا، سَقَطَ الْقَطْعُ دُونَ الْآخَرِ، وَالرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، كَالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِإِكْرَاهِ أَمَةٍ عَلَى الزِّنَى، ثُمَّ رَجَعَ، فَالْمَذْهَبُ سُقُوطُ الْحَدِّ دُونَ الْمَهْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute