للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

الشَّهَادَةُ بِالسَّرِقَةِ إِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَى دَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَوْ وَكِيلِهِ، فَذَاكَ، وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى سَبِيلِ الْحِسْبَةِ، فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ غَائِبًا، فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، وَنَصٌّ فِيمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى بِجَارِيَةِ غَائِبٍ أَنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ الْغَائِبِ، فَقِيلَ: قَوْلَانِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: يُنْتَظَرُ الْمَالِكُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَغَلَّطُوا نَاقِلَ نَصِّ الزِّنَى أَوْ تَأَوَّلُوهُ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَى لَا يَسْقُطُ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ، وَحَدَّ السَّرِقَةِ يَسْقُطُ بِإِبَاحَةِ الْمَالِ، فَرُبَّمَا كَانَ الْغَائِبُ أَبَاحَهُ فَانْتُظِرَ اعْتِرَافَهُ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ مُتَعَلِّقُ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ شُرِعَ حِفْظًا لِمَالِهِ، فَاشْتُرِطَ حُضُورُهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقْطَعُ وَلَا يُحَدُّ فِي الْحَالِ، فَهَلْ يُحْبَسُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ، أَوْ بِالزِّنَى بِجَارِيَةِ غَائِبٍ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى حَضَرَ الْمَالِكُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالَ، أَوِ اعْتَرَفَ بِمَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ، فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ طَلَبَ وَلَمْ تَظْهَرْ شُبْهَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ مَقْبُولَةٌ، قُطِعَ، وَهَلْ تَجِبُ إِعَادَةُ الشَّهَادَةِ لِثُبُوتِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ، وَالثَّانِي: لَا، وَيَثْبُتُ الْغُرْمُ تَبَعًا، وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْمَالِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُعَادُ لِلْقَطْعِ.

فَرْعٌ

سَرَقَ مَالَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: إِنِ انْتَظَرْنَا حُضُورَ الْغَائِبِ وَاعْتَبَرْنَا طَلَبَهُ، انْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَإِفَاقَتُهُ، وَإِلَّا قَطَعْنَاهُ فِي الْحَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>