الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ تَعَلَّقَ بِهَا، وَلَوْ سَرَقَ مِرَارًا وَلَمْ يُقْطَعْ، اكْتُفِيَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ عَنِ الْجَمِيعِ، كَمَنْ زَنَى، أَوْ شَرِبَ مَرَّاتٍ يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَاحِدٌ.
فَرْعٌ
بَدَّرَ أَجْنَبِيٌّ، فَقَطَعَ يَمِينَ السَّارِقِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ، لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْقَطْعِ، فَلَوْ سَرَى إِلَى النَّفْسِ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ مُسْتَحِقٍّ، لَكِنْ يُعَزَّرُ الْمُبَادِرُ لِافْتِئَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُجْعَلَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِ الزَّانِي الْمُحَصَّنِ وَلَوْ قَطَعَ يَسَارَهُ جَانٍ، أَوْ قَطَعَهَا الْجَلَّادُ عَمْدًا، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنِ السَّارِقِ قَطْعُ الْيَمِينِ، فَلَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا يَسَارُهُ، حَلَفَ وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَالَ الْجَلَّادُ لِلسَّارِقِ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ، فَقَطَعَهَا، فَطَرِيقَانِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ: إِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ: ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ، أَوْ أَنَّ الْيَسَارَ تُجْزِئُ سَقَطَ بِهَا الْقَطْعُ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَسْقُطُ، فَقَالَ الْقَاطِعُ: عَلِمْتُ أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ، أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ، لَزِمَهُ الدِّيَةُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُرَاجَعُ الْقَاطِعُ أَوَّلًا، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُهَا الْيَسَارَ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَبَقِيَ الْقَطْعُ وَاجِبًا فِي الْيَمِينِ، وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ، أَوْ أَنَّ الْيَسَارَ تُجْزِئُ، لَزِمَهُ الدِّيَةُ، وَفِي سُقُوطِ قَطْعِ الْيَمِينِ الْقَوْلَانِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يُوَافِقُ هَذَا الطَّرِيقَ، إِلَّا أَنَّ الْقِصَاصَ إِنَّمَا يَلْزَمُ الْقَاطِعَ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُخْرِجِ قَصْدُ بَذْلٍ وَإِبَاحَةٍ، وَلَوْ سَقَطَتْ يَسَارُ السَّارِقِ بِآفَةٍ بَعْدَ وُجُوبِ قَطْعِ الْيَمِينِ، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَسْقُطُ قَطْعُ الْيَمِينِ فِي قَوْلٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ غَلَطِ الْجَلَّادِ. وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ وَقَالُوا: لَا يَسْقُطُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute