للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: الْأَصَحُّ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَمُتَابِعِيهِ، وَأَنَّ الْخَطِيبَ يَأْثَمُ إِذَا لَمْ يُعِدْ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَسَوَاءٌ طَالَ الْفَصْلُ وَالْخَطِيبُ سَاكِتٌ، أَوْ مُسْتَمِرٌّ فِي الْخُطْبَةِ، ثُمَّ لَمَّا عَادُوا أَعَادَ مَا جَرَى مِنْ وَاجِبِهَا فِي حَالِ الِانْفِضَاضِ. أَمَّا إِذَا أَحْرَمَ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، ثُمَّ حَضَرَ أَرْبَعُونَ آخَرُونَ وَأَحْرَمُوا، ثُمَّ انْفَضَّ الْأَوَّلُونَ، فَلَا يَضُرُّ، بَلْ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّاحِقُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ، أَمْ لَا. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا يَمْتَنِعُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ أَرْبَعِينَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ، فَلَا تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ إِذَا كَانَ اللَّاحِقُونَ لَمْ يَسْمَعُوهَا. فَأَمَّا إِذَا انْفَضُّوا وَلَحِقَ أَرْبَعُونَ عَلَى الِاتِّصَالِ، فَقَدْ قَالَ فِي (الْوَسِيطِ) : تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ اللَّاحِقُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ. أَمَّا إِذَا انْفَضُّوا فَنَقَصَ الْعَدَدُ فِي بَاقِي الصَّلَاةِ، فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ وَمُخَرَّجَةٍ. أَظْهَرُهَا: تَبْطُلُ الْجُمُعَةُ وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي جَمِيعِهَا. فَعَلَى هَذَا، لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ، وَتَبَطَّأَ الْمُقْتَدُونَ، ثُمَّ أَحْرَمُوا، فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ، فَلَا جُمُعَةَ. وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرُوا عَنْ رُكُوعِهِ، فَقَالَ الْقَفَّالُ: تَصِحُّ الْجُمُعَةُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ إِحْرَامِهِ وَإِحْرَامِهِمْ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الشَّرْطُ أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ إِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّ الْفَصْلُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْغَزَّالِيِّ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنْ بَقِيَ اثْنَانِ مَعَ الْإِمَامِ، أَتَمَّ الْجُمُعَةَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَالثَّالِثُ: إِنْ بَقِيَ مَعَهُ وَاحِدٌ، لَمْ تَبْطُلْ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَنْصُوصَةٌ. الْأَوَّلَانِ فِي الْجَدِيدِ. وَالثَّالِثُ: الْقَدِيمَ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ: كَوْنُهُمَا بِصِفَةِ الْكَمَالِ. وَقَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : فِي اشْتِرَاطِ الْكَمَالِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّا اكْتَفَيْنَا بِاسْمِ الْجَمَاعَةِ.

قُلْتُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ حَكَاهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَجْهًا مُحَقَّقًا لِأَصْحَابِنَا، حَتَّى لَوْ بَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>